لم تنتهِ تداعيات اللقاء المتلفز الأخير للسياسي العراقي البارز، فائق الشيخ علي، الذي تكلّم فيه عن قرب نهاية النظام السياسي الحالي في العراق، عبر تغييره خارجيا، فما مدى إمكانية تحقق ذلك؟ وما علاقة “الناتو العربي” به؟

الشيخ علي، قال في مقابلة متلفزة، منتصف الأسبوع المنصرم، مع قناة “دجلة” العراقية، إن عام 2024، سيكون نهاية النظام السياسي الحالي في العراق، عبر تدخل خارجي، سيغير النظام في العراق نحو الأفضل، بحسبه.

رفض الشيخ علي، الذي كان معارضا لنظام صدام حسين، ودخل في العملية السياسية في عراق ما بعد 2003 وانتخب عضوا في البرلمان لأكثر من دورة نيابية، قبل أن يعارض هذا النظام أيضا، الكشف عن هوية الجهة أو الدولة التي ستقوم بالتغيير.

السياسي العراقي ورجل القانون المعروف، قال إن التغيير سيحدث على يد فريق دولي كبير، سيكون صاعقا ومدمرا وعاصفا لكل من يقف بوجهه من قبل قيادات المنظومة السياسية الحالية في العراق، وأوضح أن الكل سيحاكم وينال جزاءه العادل بلا استثناء.

توقعات سابقة صائبة

العراقيون انفسموا بين ساخر من حديث الشيخ علي، وبين من صدّق بحديثه، خاصة وأن السياسي العراقي له سوابق في مثل هكذا تصريحات، وقد صدقت وقتئذ، فهل سيتحقق ما قاله هذه المرة أيضا؟

كان الشيخ علي، يخرج منذ 2001 عبر شاشات التلفزة العربية والأجنبية، ويصرح أن نظام صدام حسين سيسقط في 2003، ولم يعر كلامه أهمية أي أحد، لا في العراق ولا خارجه، ليتفاجأ الكل ويتذكر حديثه بعد سقوط نظام صدام.

في 2002، قال الشيخ علي في لقاء متلفز لصدام حسين، لن تحتفل بعيد ميلادك في العام المقبل وأنت على رأس النظام، وحدث ذلك فعلا، إذ سقط نظام صدام قبل شهر من تاريخ ميلاده في ربيع 2003.

حادثة أخرى ارتبطت بالشيخ علي، وهي عملية مقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني السابق، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي”، أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية عند مطار بغداد الدولي، في 3 كانون الثاني/ يناير 2020.

قبل حدوث العملية بساعتين، غرّد الشيخ علي تغريدته الشهيرة عبر “تويتر”، بقوله للميليشيات الموالية لإيران في العراق: “أقلعت الطائرات وراح تصيرون كباب”، وحدث ما لم يتوقعه أي أحد بعد التغريدة بساعتين بالضبط.

“ناتو عربي”

اليوم، وبعد حديثه الأخير عن تغيير النظام الحالي ونهايته في عام 2024، وغيابه عن الطهور الإعلامي لحين ذلك العام، تفاءل الكثير من العراقيين بما أدلى به الشيخ علي، فهل فعلا اقتربت نهاية النظام السياسي الحالي في العراق؟

يقول الباحث السياسي هيثم الهيتي في حديث مع “الحل نت”، إنه قبل كل شيء يجب تحديد من هي القوة التي بإمكانها القيام بمهمة التغيير في العراق وإنهاء النظام السياسي الحالي عبر التدخل العسكري.

الهيتي يضيف، أن القوات الأميركية أسقطت نظام صدام حسين في ربيع 2003، و”حلف الناتو” تدخل وشارك في تغيير النظام في ليبيا عام 2011، وإضافة لهما، هناك قوة ثالثة في طور التشكيل تتمثل بـ “الناتو العربي” بين الدول العربية وإسرائيل.

يردف الهيتي، أن تلك القوات وحدها من بإمكانها القيام بأي مهمة في العراق، ويعرج أكثر على “الناتو العربي” بقوله، إن تشكيله يأتي كقوة ضاغطة لمواجهة إيران ونفوذها وتمددها في المنطقة.

“الناتو العربي”، مصطلح إعلامي أُطلق على مشروع “تحالف الشرق الأوسط الستراتيجي” ، الذي طُرح في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، ثم أُعيد طرحه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ‏

“التغيير قد حصل”

فكرة “الناتو العربي”، هو تشكيل تحالف يضم دول الخليج الستة ومعها مصر والأردن وإسرائيل، وسمي فيما بعد باسم “الناتو الشرق أوسطي”، وهدفه مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة وتحجيم طهران.

يقول الهيتي، إن “الناتو العربي” مع وجود قوات أميركية في العراق، قد يشترك في عملية تغيير النظام السياسي الحالي في العراق، ولكن عبر سيناريو مشابه لما حدث في ليبيا، أي أن يبدأ التغيير من الشارع.

شهدت ليبيا في عام 2011، خروج حراك شعبي كبير ضد نطام معمر القذافي الذي حكم البلاد لأكثر من 3 عقود، لكنه جوبه بالقمع، فتدخل “حلف الناتو” عبر قرار من “مجلس الأمن الدولي”، وأسقط نظام القذافي وانسحب في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.

بحسب الباحث السياسي الهيتي، فإن التغيير قد حصل في العراق، وأن عام 2023 هو آخر عام للنظام السياسي الحالي، سواء قال ذلك فائق الشيخ علي أم لم يقل؛ لأن المعطيات تشير بوضوح إلى ذلك.

ويتابع، أن بوادر التغيير بدأت منذ “انتفاضة تشرين” في 2019، ونهاية النظام هي مسألة وقت، وستكون بنهاية عام 2023، ولكن التغيير سيبدأ من الشارع؛ لأنه بموازاة ذلك ستقوم طهران بضغط كبير على العراق؛ كونها باتت تتخوف من الشارع العراقي.

سيناريو التغيير

في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، شهد العراق تظاهرات واسعة اجتاحت الوسط والجنوب والعاصمة بغداد، استمرت حتى منتصف آذار/ مارس 2020، عرفت بـ “انتفاضة تشرين”، وخرجت ضد البطالة ونقص الخدمات، والفساد السياسي والإداري، والتدخل الإيراني في الشأن العراقي.

جوبهت الانتفاضة بقمع مفرط من قبل “قوات الشغب” الحكومية والميليشيات الموالية لإيران، وأسفرت عن مقتل 750 متظاهرا وإصابة 25 ألفا، بينهم 5 آلاف مصاب بإعاقة دائمة، وفق الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية.

ورغم كل القمع الذي واجهته “انتفاضة تشرين”، إلا أنها نجحت في إسقاط حكومة عادل عبد المهدي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، لتجيء بعدها الحكومة الحالية، برئاسة مصطفى الكاظمي.

وفق الهيتي، فإن الشارع سيخرج بحراك جديد سيكون أقوى من “تشرين”، وسيجابه بقمع من موالي النظام المقرب من إيران بقمع أكبر من القمع الذي طال “انتفاضة تشرين”، وحينها سيتدخل المجتمع الدولي بقرار من “مجلس الأمن” لحماية الناس وتغيير النظام عبر “الناتو العربي” وواشنطن أو “حلف شمال الأطلسي”، كما حصل في ليبيا.

يجدر بالذكر، أن النظام السياسي الحالي وصل إلى الحكم في العراق، بعد إسقاط واشنطن لنظام صدام حسين في 2003، وكان من المفترض أن يصبح العراق نموذجا للديمقراطية في المنطقة بحسب الولايات المتحدة، لكن قيادات هذا النظام سلّمته لصالح إيران، وفشلت في تجربة الحكم الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.