مع انتهاء العطلة التشريعية للفصل الأول لمجلس النواب العراقي، وجه رئيس المجلس محمد الحلبوسي، اليوم الجمعة، دعوة إلى القوى السياسية والكتل النيابية، لحسم ملف رئيس انتخاب رئيس الجمهورية للمضي بتشكل الحكومة الجديدة. 

الحلبوسي وفي بيان له، تلقى موقع “الحل نت”، نسخة منه، دعا زعماء القوى السياسية إلى حسم الحوارات بشأن ملف انتخاب رئيس الجمهورية، قائلا إنه “مع انتهاء العطلة التشريعية للفصل الأول لمجلس النواب وعطلة عيد الأضحى وبدء الفصل التشريعي الجديد، أدعو الأخوة والأخوات رؤساء القوى السياسية والكتل النيابية، إلى تحمّل المسؤولية وحسم الحوارات؛ للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية”.

وأضاف، أن “تلك الخطوة ضرورية ليتسنى لنا اتخاذ الإجراءات اللازمة، عملا بأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس في تحديد موعد جلسة الانتخاب، وإكمال الاستحقاقات الدستورية لتشكيل الحكومة المرتقبة”.

يشار إلى أن، في عراق ما بعد 2003، حصلت اتفاقيات وتفاهمات بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة رئيس إقليم كردستان الأسبق، مسعود بارزاني، و”الاتحاد الوطني الكردستاني” بزعامة الرئيس العراقي الأسبق، الراحل جلال طالباني، يتم بموجبها منح رئاسة الإقليم لـ “البارتي – الديمقراطي” ورئاسة العراق لـ “اليكتي – الاتحاد الوطني”.

ومنذ 2006 وإلى اليوم، منصب رئاسة العراق هو من نصيب “اليكتي”، ورئاسة إقليم كردستان من نصيب “البارتي”، لكن الأخير يرفض تلك المعادلة هذه المرة، فهو يسعى لتحقيق مبدأ الأحقية الانتخابية.

الأحقية الانتخابية، تعني الحزب الحائز على أكثر مقاعد نيابية من غيره، و”البارتي” فاز أولا على مستوى الكرد في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة بحصوله على 31 مقعدا نيابيا.

بالمقابل خسر “اليكتي” وتراجعت مقاعده إلى 17 مقعدا نيابيا، وذلك التراجع شجّع “البارتي” لفك مبدأ التوازن وتقاسم المناصب مع “اليكتي”، غير أن الأخير يرفض التفريط بما يسميه “أحقيته” بمنصب رئاسة الجمهورية.

“البارتي” رشح وزير داخلية إقليم كردستان، ريبر أحمد، لمنصب رئاسة العراق، فيما رشح “اليكتي” الرئيس العراقي الحالي، برهم صالح، لمنصب الرئاسة، سعيا منه للحصول على ولاية ثانية داخل “قصر السلام”.

ويبسط “البارتي” سيطرته على محافظتي دهوك وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما يحكم “اليكتي” نفوذه على محافظتي السليمانية وحلبچة، المستحدثة كمحافظة في السنوات الأخيرة.

اقرأ/ي أيضا: أسباب انسحاب العامري وشكل رئاسة الحكومة العراقية المقبلة

شروط البارتي

كان “البارتي” بزعامة مسعود بارزاني، اشترط على “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، والذي يتولى مهمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، تحقيق مبدأ “التوازن والتوافق والشراكة” للاشتراك في تشكيل الحكومة.

“الإطار” أعلن مطلع هذا الشهر، موافقته على تلك الشروط، لكنه أكد أنه سيصوت لمرشح “اليكتي” لمنصب رئاسة الجمهورية، في حال عدم توافق “البارتي” و”اليكتي” على مرشح توافقي واحد لرئاسة العراق.

ومن غير المعروف متى سيتم عقد جلسة برلمانية خاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، لكن زعيم ميليشيا “العصائب” وكتلة “صادقون” المنضوية في “الإطار التنسيقي”، قيس الخزعلي، قال في كلمة له، أمس الأحد، إن الجلسة ستعقد بعد عيد الأضحى مباشرة.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه الخلافات بين القوى السياسية حول تشكيل الحكومة القادمة، إذ كشف عضو ائتلاف النصر عقيل الرديني في وقت سابق، وجود اختلاف داخل “الإطار“، بخصوص تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات.

الرديني قال في تصريح لشبكة “رووداو” الإعلامية، وتابعه موقع “الحل نت“، إن “هناك اختلاف في وجهات النظر داخل الإطار التنسيقي، بخصوص تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، مشيرا إلى أن “الحكومة لدورة كاملة قد تعطي رسائل للأخرين أن هناك غالبا ومغلوبا“.

وزادت تلك التحديات بعد انسحاب “التيار الصدري” من العملية السياسية كونهم الكتلة الأولى الفائزة بـ 73 مقعدا في البرلمان“، يضيف الرديني، ويلفت إلى أن، انسحابهم يشكل خللا في البرلمان وداخل المكون الواحد والمكونات الأخرى.

كما أشار إلى أنه “بناء على ذلك، كانت هناك مبادرة من تحالف قوى الدولة باتجاه، أن تكون هنالك فترة انتقالية جديدة تعطي مهلة لفترة محدودة وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وبالتوافق مع الكتل السياسية والشركاء في الوطن من السنة والكرد، لخلق حالة من التوازن وعدم إظهار للأخوة الصدريين، عملية الغالب والمغلوب، ولكي لايشعر الأخرون أنهم خسروا العملية السياسية“.

عضو ائتلاف النصر أكد: “وجود اختلاف في وجهات النظر داخل “الإطار التنسيقي“، مبينا أن “بعض الأخوة في الإطار ينظرون إلى تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، بالمقابل نحن أبدينا رأينا بأن الحكومة لدورة كاملة قد تعطي رسائل للأخرين أن هناك غالبا ومغلوبا، ونحن جرّبنا في 2014 عندما كان هنالك مكون خارج العملية السياسة ماذا حدث بالعراق“، مشيرا إلى أنه “ليس من المهم تشكيل الحكومة، فهي من الممكن أن تتشكل في أي لحظة“.

اقرأ/ي أيضا: اقتراب سيناريو 2018 لحسم رئاسة العراق

تساؤلات

الرديني تساءل أنه “هل تستمر الحكومة طويلا، إذا لم تكن مبنية على أسس حقيقية وداعمة للعملية السياسية، وفيها توافق ورضا لجميع الأطراف السياسية، من أجل تفضيل المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى؟ “، مضيفا أنه “لذلك نرى أن نتشاور مع الشركاء في الوطن في هذا الاتجاه“.

وبالرغم من المباحثات المكثفة التي يجريها “الإطار“، للتوصل لتشكيل حكومة جديدة، إلا أنه “لم يتم الاتفاق على شخصية معينة لتولي منصب رئاسة الوزراء، فهناك عدد من الاشخاص مرشحون لهذا المنصب“، وفقا للرديني، الذي أشار لوجود “معايير لدى الإطار التنسيقي يتوجب توافرها في الشخصية التي تتولى رئاسة الوزراء“.

وعن تلك المعاير، أوضح: “منها أن تكون الشخصية غير جدلية قادرة على إدارة الأمور بين المكونات السياسية، ومهنية قادرة على عبور التحديات التي يمر بها العراق، ومقبولة إقليميا ودوليا، وهذه المواصفات يتم طرحها داخل الإطار ومن تنطبق عليه هذه المعايير ستكون البوصلة باتجاهه“.

الرديني تطرق أيضا، لوجود “لجنة مكلفة للتحاور مع الكرد لتوحيد الموقف بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني، لاختيار مرشح رئاسة الجمهورية“، واصفا ذلك بأنه “يسهل على الإطار المفاوضات وعملية تشكيل الحكومة“، لافتا إلى أن “هناك فرصة كبيرة للنهوض بالعراق، لإعادة الوضع الاقتصادي والصحي والعمراني إذا ما كانت هناك حكومة“.

غير أن “الموضوع انتقل بعد انسحاب التيار الصدري، إلى الإطار التنسيقي، الذي يؤمن بأن تكون الحكومة توافقية ويجب أن تمتد جذور التواصل بين السنة والكرد من أجل تشكيل الحكومة“، مضيفا أن “الموضوع بات مسؤولية وطنية، فالحكومة الحالية مؤقتة، والبرلمان ليس فيه نائبا لرئيس مجلس النواب، كما أن رئيس الحكومة مؤقت، ورئيس الجمهورية تصريف أعمال“، على حد تعبير الرديني.

وعن حسم الأمور، والمضي بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بيّن أن “النواب في عطلة عيد الأضحى مع عوائلهم، بالتالي ستكون المباشرة بعد العيد، سوف تنطلق المفاوضات الحقيقية والجادة“، معربا عن أمله في أن “تكون جلسة للبرلمان قبل نهاية تموز الجاري وبهذا يعبر الإطار شوطا مهما بالتواصل مع الأخوة الكرد، لاختيار رئيس الجمهورية، والتباحث داخليا حول شخصية رئيس الوزراء“.

الرديني اختتم حديثه قائلا إنه “لا يخفى على الجميع أن شخصية الصدر لها وزنها السياسي والديني والشعبي، وعند انسحابه تختل الشرعية والتوازن داخل البرلمان، بالتالي نحن ضد عملية الاقصاء والتهميش، نريد أن يكون التيار الصدري في البرلمان والحكومة“.

يشار إلى أن “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

بحسب كثير من المراقبين، فإن الانسداد السياسي بات مزمنا في العراق، فلم تحل عقدته بعد، رغم انسحاب “التيار الصدري” من العملية السياسية وتركه الساحة لـ “الإطار التنسيقي“، لتشكيل حكومة جديدة.

فشل الصدر

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعد.

كان “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

عاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، ورغم انسحاب الصدر فإن الانسداد لم ينته بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهّد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220نائبا من مجموع 329 نائبا.

ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

اقرأ/ي أيضا: العامري يقاطع الحكومة العراقية المقبلة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.