كأن واشنطن لا تريد ضرب جهة سياسية ودعم أخرى عليها في العراق، وذلك من خلال تصريح سفيرتها لدى بغداد، ألينا رومانوسكي الأخير، الذي بدا واضحا أنه يعتمد مسافة واحدة من الجميع.

رومانوسكي التقت، اليوم الأربعاء، برئيس “مجلس القضاء الأعلى” العراقي، فائق زيدان، وأكدت حسب بيان لإعلام القضاء العراقي، على احترام إكمال الاستحقاقات الدستورية في العراق.

هذا التأكيد، يعني أن واشنطن تدعم إكمال الاستحقلقات الديتورية التي يبذل “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، الكثير من الجهود، لتشكيل حكومة عراقية جديدة، رغم اعتراض “التيار الصدري” على وصفة الحكومة التي يطمح “الإطار” لتشكيلها.

من جانب آخر، لم تقف السفيرة الأميركية لدى العراق ضد اعتصامات أنصار زعيم “الكتلة الصدرية” مقتدى الصدر، بل أكدت أن واشنطن “سلمية حق التظاهر والتعبير عن الرأي وحماية الممتلكات العامة والخاصة”.

وأشارت رومانوسكي، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتدخل في اختيار الشعب العراقي، وأن اختيار شكل الحكومة المقبلة يعود للعراقيين وحدهم، بحسب تعبيرها.

اقتحام الخضراء

جمهور “التيار الصدري”، اقتحم المنطقة الخضراء، السبت المنصرم، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، السبت المنصرم، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

ويتخوف العراقيون من تأزم الوضع السياسي وانجراره إلى مرحلة المواجهة المسلّحة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، وبالتالي نشوب حرب أهلية شيعية-شيعية، يكون وقودها الشعب نفسه.

نفق سياسي معتم!

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحاللف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.