في ظل حالة الترقب التي يعيشها العراق، وإمكانية تجدد حركة الاحتجاج مع اقتراب الذكرى الثالثة لاحتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، التي يحشد لها عدد من الناشطين، والتي يمكن أن تشهد عودة نزول أنصار زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، إلى الشارع، كشفت مصادر حكومية عن زيارة مرتقبة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، إلى أميركا مع نهاية الشهر الحالي.

زيارة الكاظمي، تأتي في ظل استمرار الأزمة السياسية حول تشكيل الحكومة منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وفي ظل غياب تام لملامح انفراجة ما بين “التيار الصدري”، وغرمائه في تحالف “الإطار التنسيقي”، الموالي لإيران، بعد أن اشتدت الأزمة في نهاية الشهر الماضي على خلفية اعتزال الصدر للعمل السياسي.

في غضون ذلك، سيشارك رئيس الحكومة العراقية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما سيبحث هناك، وفق المصادر التي تحدثت لموقع “العربي الجديد” وتابعها “الحل نت“، جملة من الملفات العراقية مع المسؤولين الأميركيين على وجه الخصوص، من بينها الأزمة السياسية الراهنة، وملف الوجود العسكري لقوات التحالف بقيادة واشنطن في العراق، والحرب على الإرهاب. فضلاً عن بحث ملفات اقتصادية، ووساطة العراق بين السعودية وإيران، وسعي الكاظمي إلى تكرار الوساطة ذاتها بين إيران، ودول عربية أخرى في المنطقة.

بدوره موقع “الحل نت“، يسلط الضوء على أهمية تلك الزيارة وجدواها، وتحدث مع المحلل السياسي علي البيدر، الذي قال “بالنسبة لهذه الزيارة فستحمل معها في حقيبة الكاظمي، كل ما يتعلق بالشأن العراقي، وتفاصيل التفاصيل للأزمة الراهنة، وأنها لن تركز في ملفات أخرى أكثر مما ستحاول بحثه في هذا الجانب“.

البيدر، أضاف، أن “الكاظمي سينقل كل الأحداث إلى الإدارة الأميركية، بمحاولة منه لدفعها في التأثير في المشهد السياسي الذي يشهد جمودا غير مسبوق“، لافتا إلى أن “نتائج تلك الزيارة ستعتمد على مقدرة الكاظمي في إقناع الجانب الأميركي بالتحرك من أجل العراق“.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. حزب المالكي غاضب من الكاظمي

الكاظمي وعجزه في إيجاد الحلول

كما أشار، إلى أن “الكاظمي ومع المعطيات المتوفرة وما شهدناه من محاولات قدّمها للأطراف السياسية من أجل الخروج من الأزمة اثبتت أنه في الوقت الحالي لا يمتلك مفتاحا للحل، لكنه يمكن أن يقنع الأطراف الأميركية بضرورة التحرك، والتدخل في إيجاد حل للمشهد العراقي“.

البيدر، لفت أيضا، إلى أن “العراق في الوقت الحالي ليس بحاجة إلى الدعم الأميركي في غير الملف السياسي والأمني، بالتالي أن الزيارة سيكون هدفها الأساسي بحث الأزمة السياسية، خاصة وأن الولايات المتحدة، تعتبر هي المسؤول عن التجربة الديمقراطية في العراق وهذا ما يحتّم عليها حمايتها“.

كما أردف، أن “الالزام بحماية العملية الديمقراطية العراقية من قِبل أميركا، هو أمر ضروري لسببين، أولهما؛ لما تشهده في الوقت الحالي من تهديد بالعودة إلى دائرة الصراعات المسلحة، وثانيا؛ أن التقاعس الأميركي تجاه إيجاد حل للأزمة سيعزز الاتهامات للإدارة الأميركية في التخادم مع الطبقة السياسية العراقية التي عاثت في العراق“.

ووفقا لمسؤولَين اثنين في مجلس الوزراء العراقي، تحدثا لـ “العربي الجديد” فإن الكاظمي سيتوجه على رأس وفد وزاري رفيع إلى نيويورك، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي، حيث سيعقد كذلك اجتماعات عدة مع عدد من قادة العالم، لمناقشة العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية.

وبيّن المسؤولان، أن “الأزمة السياسية في البلاد ستتصدر مباحثات الكاظمي مع قادة دول العالم، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى جانب ملف الحرب على تنظيم داعش، والوجود الأميركي في العراق ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وعمل بعثة حلف شمال الأطلسي العسكرية ضمن برنامج تطوير قدرات العراق العسكرية الذي بدأت به البعثة العام الماضي“.

كما أكد أحد المسؤولين، أن الكاظمي “سيطرح أيضا دور العراق في الوساطة بين الإيرانيين والسعوديين، وإمكانية أن يسهم ذلك في تهدئة التوتر بالمنطقة، وكذلك سعي العراق للدور ذاته بين إيران ودول عربية أخرى“، فيما أشار المصدر الآخر إلى أن الكاظمي، “سيبحث الأزمة السياسية الحالية في العراق، بعد المواجهات المسلحة في المنطقة الخضراء والقلق الدولي من احتمالية تكرارها مجددا“.

اقرأ/ي أيضا: الكاظمي يطالب بإيجاد حل لمشكلة موازنة العراق المالية

سياق الأزمة التي يبحث الكاظمي لها عن حلول

كانت الأزمة السياسية في العراق، قد اشتدت منذ الـ30 تموز/يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

بعد أن عاد المشهد ليتطور في 29 آب/أغسطس الماضي، شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري – الحكومي-، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومية مع فصائل تابعة لـ “لحشد الشعبي“، وموالية لـ “الإطار” أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما دفع “سرايا السلام“، الجناح المسلح التابع للصدر للتدخل للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء، انتهت عندما دعا الصدر في اليوم التالي من خلال مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

تلك التطورات جاءت نتيجة لصراع سياسي، دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز كتلة الصدر فيها أولا، وخسارة قوى “الإطار“، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

العراق بين رغبات “التيار” و“الإطار”

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن” أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية“، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي“، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية“، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية – البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور، وهو ما لم يتمكن “إنقاذ وطن” من تحشيده.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار“، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي، محمد شياع السوداني، في الـ25 من تموز الماضي، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: حكومة الكاظمي تشكو مظلوميتها من “الإطار”.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.