بعد أن استمر أخر متحور من فيروس “كورونا“، وهو “أوميكرون” لأكثر من عام وعدم ظهور متغير جديد حتى الآن، وذلك لسبب الحد الكبير من قدرته المتزايدة على الانتشار بين الناس، وقدرته على التهرب من المناعة السابقة من العدوى والتطعيم، يواجه العالم احتمالية ظهور المتحور الجديد “باي“، حيث يمكن للفيروس الذي أظهر قدرة على التحور بسرعة لدى الأشخاص المعرّضين للخطر سريريا، والذين تكافح أجهزتهم المناعية للقضاء على الفيروس، الأمر الذي يتيح له الوقت لتطوير عدد كبير من الطفرات.

المتحور “باي” من فيروس “كورونا” اكتُشف للمرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر الماضي في 29 دولة، بحسب تقارير مختصة، وقدّرت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن هذا المتحور يمثل نحو 40.5 بالمئة من كل الإصابات الجديدة في الولايات المتحدة في الأسبوع الذي سبق نهاية العام الماضي، فيما ينتمي المتحور الجديد الذي يرمز له بـ “إكس بي بي 5.1”، إلى مجموعة فرعية من “أوميكرون” الذي ينتشر منذ نهاية عام 2021.

نشأت المتغيرات الجديدة، جاءت كما سابقاتها، التي تكون في البداية عند تكاثر فيروس داخل عائله البشري، فيصنع نسخا منه قد تحمل أخطاء أو طفرات، وتشبه هذه العملية إلى حد ما نسخ مستند بدون مدقق إملائي، وبالتالي ينتج عنها أخطاء إملائية، ووفقا لذلك ونتيجة هذه الأخطاء قد تؤدي إلى تغييرات في الأحماض الأمينية التي يتكون منها بروتين الفيروس، مما يؤدي إلى تغيير هيكله أو وظيفته، وتشكل هذه البروتينات إما البنية الهيكلية للفيروس أو بعض الآليات اللازمة لتكاثره، بحسب مقال نُشر السبت الماضي بموقع “ذا كونفرسيشن” الأسترالي.

المتحور “باي” ومخاطره

هذه الأخطاء أو الطفرات قد تؤدي إلى إضعاف الفيروس، أو قد تجعله في بعض الأحيان أكثر قدرة على التسبب في المرض أو الانتشار أو التهرب من جهاز المناعة لدينا، وعندما يتم العثور على فيروسات مع نفس المجموعة من الأخطاء في عدد كاف من المضيفين، فإن هذه المجموعة تسمى متغيرا، وطالما استمر الفيروس في الانتشار، فسوف يستمر في التطور وستستمر متغيرات جديدة في الظهور.

اقرأ/ي أيضا: “خليجي 25”.. العراق بين آفاق الاحتضان العربي وإكراهات الواقع الدولي

والغالبية العظمى من المتغيرات تكون غير مؤثرة، لكن بعضها يكون مثيرا للقلق، عندما تشير المراقبة الجينية إلى أن لديها القدرة على أن تكون أكثر قابلية للانتقال، أو تتجنب بشكل أفضل نظام المناعة لدينا، أو تسبب مرضاً أكثر خطورة، ولعله الأمر الذي يشكل خطورة فيروس “باي” الجديد، إذ ينتقل بسهولة أكبر من أيٍّ من السلالات المتحورة المعروفة سابقا، بحسب ما أكدته “منظمة الصحة العالمية” الأسبوع الماضي.

وسط ذلك، أثار الحديث عن إمكانية انتشار المتحور “باي” الجديد، السؤال حول إذا ما كان سيعود ليتسبب بسلسلة الإغلاقات العالمية التي فُرضت مع انتشار “كورونا” الذي عطّل حركة العالم، وقطع سلاسل التوريد وتسبب بضرر بالغ لنمو الاقتصاد العالمي، غير أن الدكتور مهيمن عبد الرضا يرى أنه من الصعب الحكم على مستقبل الفيروس الجديد ما لم تتضح معالمه بشكل كبير بحيث يمكن دراستها وتقيمها في البحوث العالمية الرصينة كما حدث مع بدايات انتشار “كورونا“.

لكن في الوقت الحالي ومع ما أظهرته جميع المتغيرات التي تناسلت من “كورونا” من فعالية، يمكن القول إن لا خطر كبير يلوح في الأفق، خصوصا مع إجراءات التلقيح التي اتخذها العالم، ولاسيما مع تكيف العالم مع الفيروس، بحسب عبد الرضا، الذي لفت إلى أن ذلك يبقى قائما على مدى فعالية المتحور الجديد وإذا ما لم تحدث فيه طفرة جديدة يمكن أن تزيد من قوته.

مخاطر غير محددة

الطبيب الأخصائي الذي عمل لفترة طويلة ومنذ بدايات انتشار “كورونا“، أشار إلى أن الحديث عن الفيروس من دون براهين وقرائن وأدلة تثبتها الدراسات قد يكون من الصعب، لكن بشكل عام أن العالم ومع ما شهده من تداعيات كبيرة بسبب سلسلة الإغلاقات الشديدة التي اتُبعت مع “كورونا” قد لا يذهب إلى اتخاذ ذات الإجراءات ما لم يتم التأكد من مدى فعالية الفيروس الجديد، مبينا أنه حتى اللحظة التقارير حول “باي“، لم تتحدث عن أعراض جديدة مختلفة عن الأعراض المعروفة عن “كورونا“.

وباستثناء “باي” و“كورونا“، شهد العالم خمسة متغيرات بأسماء الحروف اليونانية حتى الآن، وهي؛ “ألفا” و“بيتا” و“جاما” و“دلتا” وأخيرا “أوميكرون“، الذي أظهر تحولا جذريا في تطور الفيروس، مع مضاعفة عدد الطفرات في بروتين “سبايك“، البروتين الذي يكون على سطح الفيروس ويسمح له بالالتصاق بخلايانا، مقارنة بـ“ألفا” و“دلتا“، وفقا لمنظمة “الصحة العالمية“.

اقرأ/ي أيضا: دور للشركات الصينية في تنفيذ الأجندة الاقتصادية لـ “طالبان” الأفغانية؟

أسماء المتغيرات جاءت بعد أن أعلنت منظمة “الصحة العالمية” في أيار/مايو 2021، أن المتغيرات الرئيسية لفيروس “كورونا” المستجد سيتم تعيين أسمائها من الأبجدية اليونانية، بالإضافة إلى تسمياتها العلمية، بهدف إعطاء الجمهور طريقة بسيطة للتحدث عنها، وكذلك تجنب وصمة العار، حيث تمت الإشارة سابقا إلى المتغيرات اعتمادا على مكان اكتشافها لأول مرة.

أثناء ذلك، أشار تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط“، إلى أن تكون زيادة عدد الإصابات بمتحور “بي إف 7” من “أوميكرون” في الصين بيئة مثالية لظهور هذا المتحور الجديد “باي“، دون أن يتم الكشف عنه، وذلك رغم أن أميركا تشهد هي الأخرى انتشارا لأحد متحورات “أوميكرون“، وهو المتحور “إكس بي بي 1.5”، إذ أن ضعف تطعيم كبار السن في الصين، مقارنة بأميركا، يُعد بيئة مناسبة لإصابة يمكن أن تتسبب في إنتاج متحور جديد.

ما علاقة الصين بالمتحور “باي” الجديد؟

 هذا وبسبب زيادة عدد الإصابات في الصين، وتقليص جهود الاختبار والمراقبة، فقد يظهر هذا المتحور الجديد دون أن يتم اكتشافه، وهو الأمر الذي دفع بعض الدول للاتجاه إلى مراقبة مياه الصرف الصحي من الرحلات الجوية القادمة من الصين، وذلك من أجل اكتشاف أي متحورات جديدة قد تكون قد ظهرت، ولم يتم اكتشافها.

وفق تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية في الـ 4 من كانون الثاني/يناير الجاري، فقد أعلنت دول بلجيكا وكندا والنمسا وأستراليا، أنها ستختبر مياه الصرف الصحي للطائرات القادمة من الصين، كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية أن الولايات المتحدة تدرس أيضا هذا الإجراء.

في غضون ذلك، انتقدت منظمة “الصحة العالمية” الأسبوع الماضي ما وصفته بتعريف الصين الجديد “الضيق للغاية” للوفاة الناجمة عن “كوفيد”، مؤكدة أن الإحصائيات لا تنسجم مع عودة انتشار الوباء في البلاد، في حين قال المسؤول عن إدارة حالات الطوارئ الصحية لدى منظمة “الصحة العالمية” مايكل راين في مؤتمر صحافي في جنيف “نعتقد أن الأرقام الحالية التي تنشرها الصين لا تعكس حقيقة تأثير المرض فيما يتعلق بالاستشفاء ودخول العناية.

يُذكر أن الصين حاليا تشهد أسوء موجة وبائية بعد أن رفعت السلطات بشكل مفاجئ، في مطلع كانون الأول/ديسمبر، معظم التدابير الصحية الصارمة لمكافحة “كوفيد-19”. ورغم هذه الموجة غير المسبوقة أبلغت الدولة عن عدد طفيف من الوفيات المرتبطة بـ “كوفيد-19” بعد تغيير مثير للجدل في منهجية حساب الحالات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.