في توقع جديد يقول محلل جيوسياسي إن الصين سوف تنهار في العقد القادم. وهناك ثلاث أرقام رئيسية يمكن أن تدعم توقعاته المتضاربة.فهل الصين متجهة بالفعل نحو انهيار سياسي واقتصادي وديموغرافي شامل.

حتى اللحظة تؤكد التقارير استحالة ذلك. فالصين تفتخر بقبضتها العسكرية الكبيرة والحديدية على شعبها، وامتلاكها لديون أميركية هائلة تبلغ قيمتها 870 مليار دولار. علاوة على ذلك، فإن المستهلكين الأميركيين مدمنون على السلع الصينية. وأحد أمثلتها أن شركة “آبل” تصنع هواتفها الذكية هناك. ثم ألق نظرة على الملابس الموجودة في خزانتك. أين تتم صناعتها هذه الأيام.

في حين أن هذا ليس سبيلا للزوال، فإن البعض يجادل بأن الصين سوف تتمسك قريبا بخطة شديدة الحذر. ومن بين هؤلاء المحلل الجيوسياسي بيتر زاين، الذي تقدم توقعاته حالة لا يمكن إلا للقليل أخذها بعين الاعتبار.

انهيار مفاجئ

زاين أثار الجدل في مقابلة أجراها معه جو روغان في كانون الثاني/يناير الفائت، حيث توقع أن جمهورية الصين الشعبية ستنهار في غضون 10 أعوام. ففوجئ روغان، رغم أنه معتاد على التصاريح الجدلية.

سواء كان الأمر يتعلق بالتحليل الذكي أو إحداث ضجة، التي يمكن للتنبؤات الرهيبة أن ترفع من مكانة النقاد وتصنيفات روغان، بدأ الاقتصاديون والمحللون السياسيون الدوليون بمناقشة مستقبل الصين. ويأتي التساؤل عمّا إذا كانت سياسات التجارة وتنظيم الأسرة قد قوضت هدف مشاركة المسرح الاقتصادي العالمي مع الولايات المتحدة في مقدمة تلك النقاشات وجوهرها.

بغض النظر عن موقفهم أو رأيهم بشأن توقعات زاين، يتفق العديد من المحللين على أن الانهيار الصيني سيؤدي إلى تقلبات عالمية غير مسبوقة وإعادة توازن هائلة للنظام العالمي. ويجب أن تتوسع العديد من الاتجاهات أو حتى تنفجر حتى تدرك الصين المصير الذي توقعه زاين، ولكن مع وجود الكثير على كفة الميزان، فإن الأمر يستحق مراجعة الأرقام.

اقتصاد الصين المتعثر.. التآكل بنسبة 9.9 بالمئة

اقتصاد الصين يتعرض لضغوط شديدة من زوايا متعددة وهامة. فقد شهدت البلاد، على وجه الخصوص، اضطرابات مدنية نادرة بسبب سياستها الصارمة الخاصة بعدم انتشار فيروس “كورونا” المستجد، والتي أدت إلى إغلاق أقساما اقتصادية شاسعة، وكذلك أدت إلى خفض الإنتاج الصناعي وكبح إنفاق المستهلكين.

بعض المقاييس المهمة تقدم دليلا على الانكماش الاقتصادي. فقد انخفضت صادرات البلاد بنسبة 9.9 بالمئة في كانون الأول/ديسمبر 2022، في حين أن تباطؤ النمو يؤثر أيضا على توقعات البلاد. ويقول الخبراء إن هذا الأخير نشأ من الاستثمار المفرط للصين في المعادن مثل الفولاذ والألمنيوم.

التضخم الحاد في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى دفع المستهلكين إلى شد أحزمتهم. فلا يوجد دليل حتى الآن يدعم اتخاذ دولة أخرى مكانة الصين كمصدر مهيمن للسلع الرخيصة.

مع ذلك، ارتفعت ديون الدولة الصينية بسرعة خلال العقد الماضي، لاسيما بين الشركات المملوكة للدولة والحكومات المحلية. يمكن أن يعوق ذلك قدرة الصين على الحد من الصدمات الاقتصادية في المستقبل. علاوة على ذلك، زادت التوترات التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة ودول أخرى من حالة عدم اليقين.

لكن مرة أخرى، يحب المتسوقون السلع الرخيصة وليسوا على وشك الإنفاق بسرعة على المدى الطويل. وكذلك لن ينتقل صانعو الهواتف الذكية من الصين في أي وقت قريب. وفي الوقت نفسه، يتوقع “صندوق النقد الدولي” أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2 بالمئة، بزيادة عن توقعات تشرين الأول/أكتوبر البالغة 4.4 بالمئة.

مع ذلك، قد تؤدي الرياح المعاكسة للاقتصاد الصيني إلى تأثيرات كبيرة. فإن أي تباطؤ في الاقتصاد الصيني سيخلق ضغوطا جديدة على الأسعار في الولايات المتحدة إذا ما ارتفعت أسعار صادراتها والإضرار بالطلب على المنتجات الأميركية.

الشيخوخة ولغز 800 مليون نسمة

أما بالنسبة لسكانها، فإن الصين تعاني من نقص في التركيبة السكانية. ويتقدم سكان الصين في السن بشكل سريع. ومع تقدم الناس في السن وتقاعدهم، هناك عدد أقل من الأفراد الذين ما زالوا في سن العمل لدعمهم. وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد سكان البلاد، الذي يبلغ الآن ما يقارب من 1.42 مليار نسمة، سينخفض إلى أقل من 800 مليون نسمة بحلول عام 2100.

فقد أدت سياسة الطفل الواحد المعمول بها منذ أكثر من ثلاثة عقود، قبل أن تنتهي في عام 2016، إلى تفاقم المشكلة، وهي اليوم تهدد الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل. ومستشهدة بالانخفاضات الحادة في معدلات المواليد، بدأت الصين في عام 2021 في السماح للأزواج بإنجاب ما يصل إلى ثلاثة أطفال. فهل سيزيد ذلك من القوة العاملة، من المستحيل تحديد ذلك في الوقت الحالي.

هل حصة التجارة كثيرة جدا؟

اقتصاد الصين يعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية. وقد شكلت الصادرات أكثر من 20.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 18 تريليون دولار تقريبا في عام 2021، وفقا للبنك الدولي. وهذا يجعل الصين أكبر مصدر في العالم.

إلا أن الاعتماد على التجارة يجعل الصين عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية وتحولات السياسة التجارية. وكشفت جائحة “كورونا” عن هذا الاعتماد عندما انخفض الطلب على المنتجات الصينية.

الصين تسعى بنشاط للتحول إلى الاستهلاك المحلي دفعا للنمو، حيث أظهر مصنعو السيارات الكهربائية مثل “نيو” و”أكس بانغ” وعدا في ريادة الطريق. ولكن تحولا محليا أكبر وأشمل سيستغرق وقتا وسيتطلب تغييرات كبيرة في السياسات الصينية وهيكلها الاقتصادي.

قد يكون هذا على المدى البعيد، لكن هل سيتم إسقاط نظريات زاين بشكل نهائي، أم أن مركب الصين سينحرف عن مساره، في كلتا الحالتين، تتجه كل العيون نحو الأفق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.