نتيجة الارتفاع غير المسبوق بأسعار اللحم في العراق، أعلنت وزارة الزراعة، أمس الخميس، عن إجراءات للحد من ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق، مبيّنة أن ذلك سيمثل فتح باب استيراد اللحوم بشكل كامل، وسط جدل شعبي حول تلك الإجراءات التي وصِفت بغير الناجعة.

إجراءات الزراعة العراقية، جاءت نتيجة القفزة التي شهدها سوق اللحوم في العراق خلال الفترة الأخيرة، والتي وصلت إلى 20 ألف دينار للكيلوغرام الواحد، ما يعادل 13.5 دولار بحسب سعر الصرف الحالي في سوق العملة، وذلك بعدما كانت بحدود 12 ألفا، ما يعادل 8 دولار.

ما تسبب بحرمان الكثير من العائلات من ذوي الدخل المحدود من شراء اللحوم، لا سيما مع التصاعد الشامل في عموم الأسعار في السوق المحلية، وهو ما دفع الحكومة المحلية بمحافظة كركوك (شمالا) إلى تحديد الأسعار بسعر ثابت.

إجراءات حكومية لتدارك الأسعار الجنونية

إلى ذلك، اتخذت وزارة الزراعة عدة إجراءات لمواجهة ذلك الارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المحلية، ومنها تسهيل نقل الأغنام والأبقار الحية بين المحافظات والإقليم، وفقا لما أفاد به وكيل الوزارة مهدي سهر، في تصريحات صحفية لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”.

اقرأ/ي أيضا: بعد اتفاق رعاة الحرب.. رسائل إيرانية وراء تصعيد “الحوثيين” في اليمن؟

بالإضافة إلى تلك الإجراءات، سمحت الوزارة باستيراد اللحوم من جميع بلدان العالم عدا الدول المحظورة، بحسب سهر، الذي بيّن أن، تلك الإجراءات ستسهم في خفض أسعار اللحوم خلال الفترة القادمة في الأسواق، وهذا من جانب.

أما من جانب آخر، وبشأن لحوم الدواجن، أشار وكيل وزير الزراعة إلى أنه تم السماح باستيراد اللحوم من الخارج أيضا، وذلك فضلا عن ارتفاع إنتاج العراق من اللحم في الحقول العاملة بجميع محافظات، لافتا إلى وجود توازن بين الاستيراد من الخارج والمنتج المحلي.

في السياق، وحول مدى جدوى تلك الإجراءات، انتقد عضو غرفة تجارة بغداد، حسن العزي، الإجراء الحكومي، معتبرا أنه يعالج جانبا ويتسبب بتخريب جوانب أخرى.

العزي قال في تصريحات لصحيفة “العربي الجديد”، إن ارتفاع أسعار اللحوم في البلاد يرتبط بشكل وثيق بشح المياه، إذ إن هذا الملف أثّر على الزراعة والثروة الحيوانية، وإن كثيرا من مربي المواشي تركوا المهنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب عدم وجود المراعي، وهو ما تسبب بتراجع أعداد المواشي من أغنام وأبقار وغيرها في البلاد.

كذلك أكد العزي، أن الحكومة مسؤولة عن معالجة هذا الملف، مبينا أن فتح الاستيراد على مصراعيه يضر بالاقتصاد العراقي أولا، وينهي ما تبقى من تربية المواشي في البلاد، فيما يجب على الحكومة اتخاذ خطوات للسيطرة على أسعار السوق.

لكن فتح المجال للاستيراد ضمن خطط مدروسة، بحسب عضو غرفة تجارة بغداد، لا يؤثر على الإنتاج المحلي، والخطوة الأساسية التي يجب أن تتخذها الحكومة هي إيجاد الحلول مع الدول المجاورة للعراق للحصول على حصصه المائية.

كيلو اللحم بـ 10 دولار

في المقابل، حددت محافظة كركوك، أمس الخميس، أسعار بيع اللحوم الحمراء في المحافظة خلال شهر نيسان/أبريل الجاري، بـ 15 ألف دينار للكيلوغرام الواحد.

تجار ماشية يتجمعون في أحد أسواق الأغنام العراقية/ إنترنت + وكالات

قائممقام كركوك فلاح يايجلي قال لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”، إن اللجنة الأمنية العليا في المحافظة حددت أسعار بيع اللحوم الحمراء خلال الشهر الجاري في المحافظة، بأن سعر كيلو غرام لحم الغنم أو العجل من دون عظم يكون 15 ألف دينار عراقي، ما يعادل 10 دولارات.

اقرأ/ي أيضا: “العشرة” و“الماروت” وغيرها.. مسلسلات رمضانية تنعش الدراما العراقية

يايجلي أضاف، أن اللجنة قررت السماح بدخول المواشي والأغنام من جميع مداخل المحافظة، فضلا عن منع البيع العشوائي في المناطق السكنية ومتابعة أصحاب محال الجزارة، مع التأكيد على وضع قطعة تذكر فيها تسعيرة اللحوم وبخلاف ذلك سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

هذا ويشكو المواطن العراقي من غلاء أسعار السلع الغذائية رغم توفر السيولة لدى خزينة الدولة، ووفق بيانات حكومية، فقد ارتفعت معدلات التضخم في العراق بنسبة بلغت 5.3 بالمئة في أيلول/سبتمبر الماضي، مقارنة مع ما كان عليه خلال شهر أيلول/سبتمبر عام 2021، حسب أحدث الإحصائيات الرسمية.

 في حين يواجه العراق الذي نشأت حضارته على ضفتي دجلة والفرات مصيرا كارثيا جراء شح المياه التي تراجعت كمياتها إلى مستوى ينذر باحتمال فقدان مياه الشرب، في ضوء انخفاض المخزون المائي الاستراتيجي إلى 7.5 مليارات متر مكعب للمرة الأولى بتاريخ البلاد، وفق ما أفادت به وزارة الموارد المائية منتصف الشهر الماضي.

المتحدث باسم الموارد المائية خالد شمال، كان قد كشف في تصريحات صحفية، عن أن المخزون المائي وصل إلى مراحل وصفها “بالحرجة جدا”، حيث لا تستطيع الوزارة ضخ كميات مياه كبيرة للأنهار، بسبب فقدان العراق 70 بالمئة من استحقاقاته المائية القادمة إليه من دول الجوار.

حجم الأزمة المائية العراقية

وزارة الموارد المائية عزت هذه الأوضاع إلى الجفاف المستمر منذ 3 سنوات، والخطة الزراعية التي ضغطت بشكل كبير على المخزون المائي، وبشكل أساس على سياسات دول المنبع التي تعمد إلى قطع وتقليل الإطلاقات المائية.

وسط ذلك، وبينما أكد المتحدث باسم الموارد المائية، أن ذلك قد تسبب بحالات نفوق للحيوانات، ونزوح مناخي ببعض المناطق، فقد قلصت الحكومة العراقية العام الماضي مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية الموسمية إلى النصف.

فيما استبعدت محافظات معينة من الخطة بالكامل، وذلك في الوقت الذي كشف فيه مؤشر الإجهاد المائي الدولي عن أن العراق مهدد بأن يصبح بلا أنهار بحلول عام 2040 مع جفاف نهري دجلة والفرات.

أسباب الانحسار بالكميات المائية، يعود بالدرجة الأولى إلى سياسات دول المنبع، أي تركيا التي قامت ببناء العديد من مشاريع السدود والاستصلاح الكبرى، دون التنسيق مع العراق الذي يُعد دولة مصب، وذلك ما أثّر على استحقاقاته التاريخية في نهري دجلة والفرات، اللذين تراجعت الإيرادات الواصلة لهما إلى أقل من 30 بالمئة من معدلاتها الطبيعية.

كذلك بسبب إيران، التي قطعت المياه عن الأنهر الواصلة للعراق، ما تسبب بتضرر مناطق بشكل كبير، مثل محافظة ديالى التي تعتمد بشكل شبه كلي على المياه الواصلة من إيران.

وفق بيانات وزارة الموارد المائية، فقد العراق الذي بات في المرتبة الخامسة على مؤشر الجفاف العالمي، خلال أقل من 4 سنوات وتحديدا منذ عام 2019، نحو 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي.

يشار إلى أن العراق يمتلك 19 سدا في عموم أنحاء البلاد، معظمها مشيد على نهري دجلة والفرات وروافدهما، حيث تعتمد البلاد في حصولها على المياه على ما يصل إليها من دول المنبع من تركيا وإيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة