كباقي اقتصادات العالم، تعاني الأردن من ارتفاع التضخم وسط تحديات تصاعد البطالة في البلاد، حيث أظهرت بيانات من دائرة الإحصاءات العامة الأردنية الأحد الماضي، أن معدل التضخم السنوي ارتفع في أيار/مايو إلى 1.96 بالمئة، مقارنة مع الشهر السابق، الذي ارتفع فيه معدل التضخم إلى  0.43 بالمئة.

الوضع الاقتصادي في الأردن الذي يعاني بسبب استمرار ارتفاع التضخم، فاقمَهُ ديون تناهز الـ 47 مليار دولار، أي ما نسبته 106 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات المالية العامة منذ كانون الأول/يناير وحتى نهاية آب/أغسطس الماضي.

التحديات الاقتصادية التي تواجهها الأردن، ويضاعفها ارتفاع التضخم، كانت قد برزت بشكل أكبر بعد أن ظهرت أزمة جديدة سببها ارتفاع أسعار المحروقات، وما نتج عنها من سخط شعبي العام الماضي، بالإضافة إلى مؤشرات أخرى يتحدث عنها الأردنيون تشير إلى تراجع النشاط التجاري في المملكة بسبب الركود.

كما أن ذلك يأتي بعد توقعات “البنك الدولي” بأن يشهد الاقتصاد الأردني تباطؤا في معدلات النمو خلال العام الجاري إلى 2.4 بالمئة من 2.6 بالمئة خلال 2022، وفي أعقاب تصريحات سابقة، توقع خلالها وزير المالية محمد العسعس، أن يبلغ معدل التضخم في البلاد إلى 3.8 بالمئة خلال 2023.

مسببات التضخم في الأردن

بحسب تقرير بيانات المالية العامة، أنه من أبرز المجموعات السلعية التي ساهمت في الارتفاع هي مجموعة الإيجارات بنسبة 5.17 بالمئة، والنقل بنسبة 2.45 بالمئة، كذلك الألبان ومنتجاتها والبيض بنسبة 7.56 بالمئة، والصحة بنسبة 6.18 بالمئة، والثقافة والترفيه بنسبة 9.27 بالمئة.

ارتفاع التضخم في الأردن/ إنترنت + وكالات

بيد أنه على الرغم من ذلك، قد أشارت وكالة “ستاندرد اند بورز غلوبال” للتصنيف الائتماني، في آذار/مارس الماضي، إلى أن التصنيف الائتماني السيادي للمملكة عند “بي/بي +”، كما أن البلاد تمضي قدما في الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتوسيع القاعدة الضريبية واستهداف الفساد، متوقعة الحد من الاختلالات المالية في السنوات المقبلة.

من جهة أخرى، ارتفعت أعداد زوار المملكة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وبلغت 504025 سائحا، مقارنة بــ 407709 سياح في الشهر نفسه من عام 2019، و211634 سائحا في ذات الشهر من عام 2022.، كما أن النشرة الشهرية الصادرة عن وزارة السياحة والآثار أظهرت ارتفاعا في عدد سياح المبيت خلال يناير/ كانون الثاني الماضي ليصل عددهم إلى 409023 سائحا، في حين كان عدد سياح المبيت بالشهر نفسه من عام 2019 قرابة 344617 سائحا، وفي عام 2022 قرابة 185553 سائحا.

حول ذلك، يقول الخبير الاقتصادي الأردني هاشم عقل لموقع “الحل نت”، إن من أهم أسباب التضخم في الأردن، ارتفاع أسعار الوقود والإنارة بشكل رئيسي، وذلك بنسبة 31.82 بالمئة، ثم الإيجارات بنسبة 5.17 بالمئة، والنقل بنسبة 2.39 بالمئة، فضلا عن المواد الغذائية بنسبة 7.88 بالمئة والثقافة والترفيه بنسبة 10.40 بالمئة.

في غضون ذلك، يشير عقل إلى أنه وفي محاولة لامتصاص هذا التضخم، رفع “البنك المركزي” أسعار الفائدة تبعا لسياسة الاحتياطي الفيدرالي وعلى كافة أدوات السياسة النقدية وأبرزها قروض الأفراد، إذ تجاوزت مديونية الأفراد 17 مليار دولار حسب إحصائيات “البنك المركزي”.

“لذلك نحن نشهد زيادة في الأسعار وقدرة المواطنين على التكيف مع هذا الارتفاع قد تكون محدودة، ناهيك عن ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية التي ترتفع على وقع أسعار التضخم”، كما يبيّن الاقتصادي الأردني هاشم عقل.

معالجات التضخم

أما عن علاج التضخم، لفت عقل إلى أن السيطرة على التضخم بشكل عام، يمكن من خلال رفع الضرائب التي تقلل الاستهلاك، وبالتالي تخفّض الأسعار لقلة الطلب عليها، بالإضافة لرفع أسعار الفوائد البنكية، ما يدفع المواطنين لإيداع أموالهم في البنوك، فيقل النقد المعروض في السوق المحلية، وينخفض الطلب على السلع والخدمات، فتنخفض أسعارها، إضافة لتخفيض الإنفاق الحكومي.

خبراء: التضخم في الأردن بتراجع/ إنترنت + وكالات

بحسب الاقتصادي الأردني، كانت التدخلات الحكومية الحاسمة في تحديد سقوف سعرية لبعض المواد الأساسية وتجميد أسعار المحروقات لستة أشهر والسياسات النقدية الحكومية الحازمة واتفاقات التجارة الحرة وتطبيق برامج التحوط التي تستخدمها البنوك التجارية المحلية، ساعدت بشكل كبير في احتواء معدلات التضخم لمستويات أقل، ناهيك عن لجوء الحكومة إلى تخفيض الرسوم الجمركية على بعض السلع، مما أدى إلى خفض الأسعار.

إلى ذلك، فإن السياسة النقدية في الأردن لعبت، وفقا لعقل، دورا رئيسا في ضبط معدل التضخم على مدار السنوات الماضية وفي هذه الفترة أيضا، مشيرا إلى أن، هذا الدور يتمثل بشكل رئيسي بالمحافظة على استقرار سعر صرف الدينار الأردني، وذلك عكس واقع عملات أخرى عربية والتي تتعرض لضغوط ساهمت برفع معدل التضخم لمستويات مرتفعة.

وفقا لأحدث المؤشرات الإحصائية الاقتصادية الرسمية والتقارير الدولية، يعتبر معدل التضخم في الأردن الأقل في منطقة الشرق الأوسط، على حد قول عقل، الذي أشار إلى أنه في الربع الأول من العام الحالي، سجل التضخم نسبة 2.9 بالمئة، بينما سجل 3.7 بالمئة للثلث الأول من العام الجاري، وهو بذلك يكون الأدنى في المنطقة.

بدوره، قال الكاتب الاقتصادي، عضو غرفة صناعة عمان، موسى الساكت، إنه على العكس، التضخم بالأردن في تراجع، حيث كان في نيسان/أبريل بحدود 2.9 بالمئة، ما يعني أنه انخفض من أول العام من 3.5 بالمئة تقريبا أو أكثر بقليل، بخاصة وأن أخر رقم كان 2.9 بالمئة، مبينا أن أسباب التضخم هو تراجع الأسعار الذي حدث بعد جائحة “كورونا”، وما عزز هذا الارتفاع عالميا بأسعار السلع الرئيسية التي تدخل في متوسط السلة الاستهلاكية، كجزء من نتيجة آثار الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث ارتفعت أسعار الغذاء والطاقة.

الساكت وفي حديث مع موقع “الحل نت”، شدد على ضرورة تسعير السلة الاستهلاكية التي على أساسها يُقاس التضخم، متوقعا تراجع التضخم عالميا، لاسيما بعد تراجعه في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يمكن أن ينعكس ذلك على “البنك الفدرالي” الأميركي، الذي لن يرفع الفائدة بسبب تراجع نسبة التضخم خلال الشهرين الماضيين.

حيثيات الاقتصاد الأردني

في خضم ذلك، كان التضخم قد سجل في الأردن العام الماضي، نسبة 4.23 بالمئة، مقارنة مع 4.22 بالمئة العام الذي سبقه، وعلى أساس شهري، تراجع التضخم في المملكة بنسبة 0.39 بالمئة في كانون الثاني/يناير من العام الحالي، مقارنة مع أرقام كانون الأول/ديسمبر السابق له، في حين شهد الأردن في 2022، ارتفاعات في أسعار السلع الأساسية والمشتقات النفطية بأنواعها، دفعت إلى عدة إضرابات في قطاعات نقل الأفراد والبضائع.

رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة يؤكد أن بلاده بعيدة عن الإفلاس/ إنترنت + وكالات

بينما لا يُعد التضخم والركود هي التحديات الوحيدة التي يواجهها الاقتصاد الأردني المتخم بالديون والعجز، إذ أقرت الحكومة الأردنية موازنة عام 2023 بعجز متوقع بعد المنح الخارجية مقداره 2.5 مليار دولار، وبمعدل تضخم 3.8 بالمئة، وبنمو يبلغ 2.7 بالمئة.

هذا وتأثرت المملكة كغيرها من اقتصاديات الدول بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بدول العالم، إذ يرتبط الدينار الأردني بالدولار الأميركي، ما دفع “البنك المركزي” الأردني، لرفع أسعار الفوائد على القروض بشكل متكرر في 2022 في محاولة لكبح جماح التضخم، وذلك في الوقت الذي تستورد المملكة ما يقارب الـ 95 بالمئة من منتجاتها من الخارج.

المديرة العامة لـ “صندوق النقد” الدولي، كانت قد أطلق تحذيرا قويا بشأن الصعوبات التي تواجه الاقتصاد العالمي في عام 2023، وقالت؛ بالنسبة لجزء كبير من الاقتصاد العالمي، فإن 2023 سيكون عاما صعبا باعتبار المحرك الرئيسي للنمو العالمي المتمثل باقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا والصين فكلها تعاني من الضعف.

غير أن الحكومة الأردنية، وعلى لسان رئيسها بشر الخصاونة قال في تصريحات سابقة إن الأردن عصي وبعيد كل البعد عن الإفلاس، وهو أكثر منعة من التأثر بتداعيات الأزمة الأوكرانية، وبحسبه أيضا فإن الأردن بعيد كل البعد عن الإفلاس، وبشهادة “البنك الدولي” الذي أكد أن التصنيف الائتماني للأردن آمن، لذلك فإن الأوضاع الاقتصادية في المملكة قوية وصارمة.

وسط ذلك، وصلت نسب البطالة في الأردن إلى 22.6 بالمئة، بانخفاض مقداره 2.2 نقطة مئوية عن الربع الثاني من عام 2021، وبانخفاض مقداره 0.2 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2022، وفق دائرة الإحصاءات العامة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات