تعتبر موسكو نفسها الوصي على دمشق في المرتبة الأولى وإيران أيضاً، فيما يتعلق من أمور داخل أراض الدولة السورية، وهذا الأمر تناقشه مراراً مع الدول الفاعلة في الشأن السوري خاصة حول الغارات الإسرائيلية على سوريا.

مؤخراً جرت اتفاقات علنية بين موسكو وتل أبيب حو مواصلة الأخيرة ضرباتها للمليشيات الموالية لإيران في سوريا وبانتظام، وظهر ذلك جليا خلال الشهر الحالي.

ولكن اعتراضاً جديداً لموسكو أعاد قضية الغارات الإسرائيلية إلى الواجهة، وقاد إلى السؤال حول إمكانية خرق روسيا لاتفاقها مع إسرائيل؟

الغارات الإسرائيلية على سوريا تسبب قلقاً لموسكو

قال السفير الروسي في إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، أمس الاثنين، إن بلاده غير راضية عن زيادة الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سوريا، وإن سوريا يجب ألا تصبح ساحة لمواجهات بين الدول الأخرى.

وعبّر فيكتوروف، عن الموقف الروسي من الغارات الإسرائيلية على سوريا، «ليست هذه هي الطريقة المناسبة، ومن الواضح أننا لا نحب ذلك. يجب ألا تصبح سوريا ساحة لمواجهات بين الدول الأخرى».

ورفض فيكتوروف اتهام إيران بالهجوم على السفن الإسرائيلية، مطالبًا بدليل على ذلك، مضيفاً، «لا أعرف من وراء هذا. رأيت الصور والأضرار، لكن لا يوجد دليل واضح على أن هذه الطائرات المسيّرة إيرانية».

اقرأ أيضا: غارات إسرائيلية لمصلحة موسكو في سوريا.. هل يزداد التصعيد ضد إيران؟

مرحلة جديدة لطهران في سوريا

يرى خبير في العلاقات الروسية – العربية، الدكتور فهيم الصوراني، أنّ موسكو غير راضية عن الهجمات التي تقوم فيها إسرائيل من وقت لآخر، رغم يقينها بأن الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ بداية الأزمة إلى حد اليوم، لم يكن لها تأثير في تغيير المعطيات على الأرض بشكل يقلب المعادلة.

وبالنسبة لروسيا بطبيعة الحال، تشعر باستياء داخلي من هذه الهجمات الإسرائيلية، رغم أنها تعتبر أن الخطر الأساسي هو موجود في الجماعات المسلحة.

وباعتبار أن تجربة العشر سنين أثبتت بأنه من شبه المستحيل تغيير النظام داخل سوريا، وخصوصا بالطريقة التي حصل حصلت فيها الأحداث. 

فإن روسيا الآن هي أمام مرحلة جديدة، مرحلة العودة إلى التعامل الدبلوماسي مع سوريا، وليس الضغوط وليس العقوبات، وإلى آخره.

 فبالتالي أيضا الآن، مرحلة جديدة بالنسبة لطهران أيضا داخل سوريا.

وووفقاً، لحديث الصوراني، لـ(الحل نت)، فإن الأوضاع على الأراضي السورية أصبحت هامشية وزنها محدود جدا، وبالتالي الآن في عملية محاولة التخلص من الجماعات المسلحة بشكل نهائي، يقابله بطبيعة الحال مطالبة إيرانية للجانب الروسي بممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل باعتبار أن إيران لا تريد أن تحول سوريا إلى ساحة اشتباك. 

ولا يوجد شك أن الروسي بتقدير الصوراني، سيوصل رسائل إيرانية إلى الإسرائيليين بأنه هذا الاستمرار في هذه الهجمات وإن كان تأثيره على الأرض محدود، ولكن قد يقابله أيضا ردود في أكثر من مكان على المصالح الإسرائيلية مثلما حصل مع السفينتين إسرائيليات واحدة في الفجيرة والثانية في باب المندب.

ولكن وباعتقاد الخبير في العلاقات الروسية – العربية، فأن إسرائيل سيتقى قلقة من قصة تواجد مجموعات سواء من الحرس الثوري أو من حزب الله في سوريا قريبة من مناطق الجولان أو من الجنوب في إسرائيل. 

وبرأي الصوراني، فإنه لن يكون هناك في أي جدوى من أي عمليات تقوم بها إسرائيل داخل سوريا، لأنه لن يغير على الأرض أي شيء، وهذا الروسي يدركه. 

وطبقاً لما أفاد به الخبير الصوراني، فأنه كلما تراجع دور الجماعات المسلحة في سوريا كلما كان الإسرائيلي مقيد أكثر في حركته.

اقرأ أيضا: نتيجة غير متوقعة يتسبب بها القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا

كيف تؤثر الغارات الإسرائيلية على العلاقات بين موسكو وطهران؟

من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي الروسي، ديميتري بريجع، لـ(الحل نت)، أنّ الغارات الإسرائيلية على سوريا لا تؤثر سلبا علي العلاقات الروسية الإيرانية.

وذلك لأنه هناك تفاهمات روسية إسرائيلية بخصوص الغارات الإسرائيلية على سوريا والأماكن التي يستطيع الطيران الإسرائيلي أن يقصفها.

واستبعد المحلل السياسي الروسي، اندلاع حرب مباشرة بين الطرفين، قائلاً «لا أحد يريد حرب كبيرة ولكن يمكن استعمال سوريا كساحة ومنقطة نفوذ».

ومضيفا، أنّ روسيا ملتزمة في علاقتها مع إيران كما مع إسرائيل، وليس هناك أي مشاكل في العلاقات، مثال على التفاهم المتبادل، كان التصريحات حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 

فموسكو باقية على استعدادها للمساعدة في إقامة اتصالات بين الطرفين، سوء على المستوى الثنائي أم في إطار “رباعية وسطاء الشرق الأوسط” (روسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). 

يشير بريجع، إلى أنّه يجب أن نذكر بأن على مدار ثلاثين عامًا أصبحت روسيا أحد أهم شركاء إسرائيل، فإسرائيل وروسيا تربطهما علاقات قوية وعميقة في الاقتصاد والثقافة والسياحة والطاقة والعلوم.

وهناك أكثر من مليون متحدث روسي يعيشون في إسرائيل  وهم من جنود الجيش الأحمر الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية لذلك إسرائيل تقدر دور الاتحاد السوفيتي في هزيمة ألمانيا ودور الجيش الأحمر في تحرير “معسكرات الموت”. 

ويعتقد بريجع، أنّ روسيا تحاول تبربر نفسها من علاقتها مع إسرائيل، وإظهار نفسها كحليف لإيران، ويبدو هذا التعليق الروسي أيضا كان كرسالة معينة لإسرائيل، مضيفاً «ولكن لا أتوقع بأنه رفض تام القصف».

وتضرب إسرائيل بانتظام أهدافًا في سوريا من بينها مواقع إيرانية، كان آخرها غارات على نقاط عسكرية في المنطقتين الوسطى والساحلية، في 8 من تشرين الثاني الحالي.

قد يهمك: معارك إسرائيلية ضد النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان.. هل اقتربت ساعة الصفر؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة