ترحيب جزئي من “الإطار التنسيقي” بدعوة زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، لانتخابات مبكرة جديدة في العراق، يظهر انقسام قادة “الإطار”، ويؤكد أنهم ما كانوا ليجتمعوا لولا أن المصلحة اقتضت ذلك، بعد خسارتهم في الانتخابات الأخيرة لا غير.

في التفاصيل، رحب زعيم “ائتلاف النصر” المنضوي في “الإطار”، حيدر العبادي، بدعوة الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، قائلا “أُحيي خطواته لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح”.

العبادي أردف في تغريدة عبر “تويتر”، ليلة البارحة: “أدعو الجميع للتكاتف لخدمة الشعب وإصلاح النظام وتدعيم الدولة الدستورية، ومن خلال عملية ديمقراطية سليمة وسلمية”.

من جهته، أعلن زعيم “تحالف الفتح”، هادي العامري، المنضوي هو الآخر في “الإطار التنسيقي”، تأييده لإجراء انتخابات مبكرة، وذلك حسب بيان نشره مكتبه الإعلامي بعد منتصف ليلة الأربعاء على الخميس.

موقف المالكي

العامري قال: “نؤيد إجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها مقتدى الصدر، سيما وأن الانتخابات السابقة شابتها الكثير من الشبهات والاعتراضات”.

وأضاف: “هذا يتطلب حوارا وطنيا شاملا من أجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية”.

عكس العبادي والعامري، أصر زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، في تغريدة له، البارحة، على ضرورة الحوار لحل الخلافات وعدم التجاوز على السياقات الدستورية، ما يعني أنه ضد الانتخابات الجديدة، ويدعم تشكيل حكومة جديدة بمدتها الدستورية وهي 4 أعوام.

البارحة، خرج الصدر في أول كلمة له منذ اعتصام أتباعه في المنطقة الخضراء، نهاية تموز/ يوليو المنصرم، وبعد أن رجح مراقبون أن يبدي مرونة ويجلس على طاولة الحوار مع “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، نسف الزعيم الشيعي كل ذلك.

إذ رفض زعيم “الكتلة الصدرية” في كلمته، مساء أمس الأربعاء، الحوار مع “الإطار التنسيقي” للوصول إلى حلّ سياسي، ودعا إلى حلّ البرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة جديدة.

“على العراقيين استغلال وجودي”

الصدر قال، إن حراكه الحالي جاء طلبا للإصلاح وليس السلطة، وأنه “لا يسعى إلى إراقة الدماء ولن يبدأ بذلك”، وهو “مستعد للشهادة من أجل الإصلاح”.

وخاطب الصدر العراقيين قائلاً، “لا يوهمونكم بأن الثورة صراع على السلطة”، مردفا أنّ “الثورة وإن بدأت صدرية فهي لكل العراقيين”.

وأضاف، “أغلب الشعب قد سأم من الطبقة الحاكمة برمتها (…) والثورة لن تستثني الفاسدين في التيار الصدري”.

واتهم زعيم “التيار الصدري”، خصومه في “الإطار” بـ “عرقلة تشكيل حكومة أغلبية عبر دعاوى كيدية”، مشيرا إلى أن “الحوار معهم لن يعود بفائدة ترتجى”.

وتابع الصدر، “الإصلاح لا يأتي إلا بالتضحية، وأنا على استعداد تام للشهادة من أجل الإصلاح”، داعيا العراقيين إلى استغلال وجوده “لإنهاء الفساد”.

دعوة للاستمرار بالاعتصام

الصدر دعا أنصاره، إلى الاستمرار بالاعتصام في المنطقة الخضراء لـ “حين تحقيق المطالب”، مشددا على ضرورة “إجراء انتخابات مبكرة بعد حل البرلمان الحالي”.

جمهور “التيار الصدري”، اقتحم المنطقة الخضراء، في 30 تموز/ يوليو الماضي، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

استمرار الانسداد

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.