في الوقت الذي يستمر فيه أنصار “التيار الصدري” في اعتصاماتهم داخل المنطقة الخضراء وتعطيل عمل مجلس النواب، أعلنت اللجنة التنظيمية لتظاهرات غرمائه في تحالف “الإطار التنسيقي” اعتصاما مفتوح أمام بوابة الجسر المعلق في منطقة الكرادة والمؤدي للمنطقة الخضراء – شديدة التحصين ومقعل الحكومة وحيث مقار البعثات الدبلوماسية.

التطور في موقف مؤيدي “الإطار” جاء بعد تظاهرات كانت قد دعت لها اللجنة التنظيمية أمام بوابة الجسر المعلق، بالتزامن مع تظاهرات حاشدة كان قد دعا لها زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر في بغداد وعدد من المحافظات، إضافة إلى مناشدته إلى مؤيدي “الإطار” بالانضمام لتظاهرات أنصاره ضد الفساد ومن أجل الإصلاح، لا من أجل دعم النظام، على حد تعبيره.

وكان أنصار “التيار الصدري” المعتصمون، قد أدوا صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء في حين تبعوها بتظاهرات حاشدة في مكان الاعتصام وعدد من المحافظات، بظل خلاف الطرفين على تشكيل الحكومة العراقية والدعوة لانتخابات مبكرة.

وجدد أنصار الصدر مطالبهم بحل البرلمان وأجراء انتخابات مبكرة، وفق دعوة من زعيم التيار، في حي شدد خطيب صلاة الجمعة التابع للتيار على أنه لا مساومة أو تراجع عن المطالب التي رفعها زعيم التيار، كما أكد على استمرار الاعتصام لأنه يعبر عما سماه “ثورة شعب”، مشيرا إلى أن هناك فرصة حقيقية للتغيير عبر الثورة ضد الفساد، حسب وصفه.

https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1558104052809990144?s=21&t=L6-NESRyQ4nz9tf9yWRXSA

اقرأ/ي أيضا: ماذا بعد مهلة الصدر للقضاء العراقي لحل البرلمان؟

انتظروا التعليمات

بدوره، وجه ما يعرف بوزير الصدر، وهي شخصية افتراضية تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “صالح محمد العراقي” وتعمل على إيصال رسائل زعيم التيار وتوجيهاته إلى أنصار، رسالة إلى متظاهري التيار الذي خرجوا للتظاهر في محافظات البصرة وميسان وذي قار وواسط وبابل، والموصل وديالى، بانتظار “التعليمات”.

قبل ذلك حاطب زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر مؤيدي “الإطار”، قائلا “إننا وجماهير الإطار لا نختلف على وجود الفساد واستشرائه في البلاد، وإن اختلفنا مع قياداته في ذلك”.

وأضاف: “فإن فسطاط الإصلاح في تظاهراته إنما يتظاهر من أجلكم أيضا يا جماهير الإطار.. فالعجب كل العجب من عدم مناصرتكم لنا من أجل إنقاذ الوطن الذي وقع أسير الاحتلال والإرهاب والفساد”.

وتابع: “إذن فلتكن تظاهراتكم نصرة للإصلاح لا نصرة لهيبة الدولة والحكومات التي توالت على العراق بلا أي فائدة ترجى”.

 ووجه الصدر سؤالا لجماهير الإطار، قائلا: “ألا تريدون كرامتكم وحريتكم وأمنكم ولقمتكم وسلامتكم وصلاحكم كما نحن نطالب؟!”، مضيفا “أيعقل أن لا تستلهموا من إمامكم الحسين الإصلاح وإسقاط دولة “يزيد” ولم يراع هيبتها”، مبينًا “فإن رفضتم ذلك، فأعلموا أنكم حينما تظاهرتم واعتصمتم على ما اسميتموه (تزوير الانتخابات) لم نحاول التظاهر والاعتصام تزامنًا معكم على الرغم من قدرتنا على ذلك”. 

اقرأ/ي أيضا: العراق.. شارع الرشيد “منطقة خضراء كبيرة”

حافظوا على السلمية

كما أوضح الصدر: “فإن قررتم التظاهر تزامنا مع مظاهرات الإصلاح.. فلتكن مظاهراتكم سلمية ولتحافظوا على السلم الأهلي.. فالعراق أهم من كل المسميات، مضيفًا “وعمومًا، فإنّ أيدينا ممدودة لكم يا جماهير الإطار دون قياداته”.

  في عضون ذلك، تظاهر مؤيدي “الإطار” عصر اليوم الجمعة، قرب الجسر المعلق وطالبوا في ختام تظاهراتهم عبر بيان أوردته اللجنة المنظمة لموقع “الحل نت”، بـ8 مطالب.

وتمثلت المطالب بـ”الإسراع بتشكيل حكومة خدمية وطنية كاملة الصلاحيات وفق السياقات الدستورية، لإعادة هيبة الدولة ومعالجة مشاكل المواطن العراقي، فضلا عن مناشدة القوى السياسية وخاصة الكردية منها بالتعجيل في حسم مرشح رئاسة الجمهورية، وتكليف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء، وإنهاء كل ما يعيق الإسراع بحسم الموضوع”.

كما طالبت “القوات الأمنية بحماية مؤسسات الدولة والحفاظ على هيبتها وتمكينها من أداء عملها، معبرة عن دعمهم التام للقضاء ومؤسساته، إضافة إلى مطالبة رئيس مجلس النواب بإنهاء تعليق العمل والتحرك الفاعل من أجل إخلاء المجلس وتفعيل عمله التشريعي والرقابي، فهو منتخب من الشعب، والشعب له حقوق معطلة، وينتظر من ممثليه أداء واجباتهم بصورة كاملة”، كما جاء في البيان.

اللجنة المنظمة لتظاهرات “الإطار” طالبت في بيانها أيضا القوى السياسية بالالتفات إلى الشعب، داعية إلى الالتزام بالقانون والدستور لمواجهة تحديات الغلاء المعيشي وفساد البطاقة التموينية، وشح الماء، فضلا عن إنهاء مأساة الكهرباء في هذا الحر اللاهب، وغيرها من الخدمات الأساس التي يجب على الدولة تقديمها للمواطنين”.

اعتصامات مضادة

كما نوهت إلى أن “البلد دون حكومة كاملة الصلاحيات قد وصل إلى مرحلة صعبة، وأن الجماهير تعاني من هذا الوضع المأساوي أشد المعاناة”، مطالبة بـ”ترك المصالح الشخصية والحزبية والفئوية، والاحتكام إلى الدستور والقانون”، كما اختتمت أنه “من خلال تظاهراتنا هذه واعتصامنا الذي أعلنا عنه الآن، فإننا نعلن التزامنا التام وطاعتنا لكل ما يصدر من المرجعية الدينية العليا”.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو أطلع عليها موقع “الحل نت”، بدء مؤيدي “الإطار” بنصب الخيام – سرادق – بالقرب من الجسر المعلق وسط العاصمة بغداد.

يأتي ذلك بعد أسبوعين من اقتحام أنصار “التيار الصدري” لمبنى البرلمان والمنطقة الخضراء، احتجاجا على ترشيح “الإطار” لمحمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة وبهدف تعطيل مساعي تشكيل الحكومة.

وفي ظل امهال زعيم التيار مقتدى الصدر لمجلس القضاء الأعلى بحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، يصر “الإطار” على أنه لا يمكن مناقشة مطالب الصدر دون عودة البرلمان لعمله وانعقاد جلساته.

سيناريو كان نتيجة لصراع سياسي دام لنحو 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة، بين الطرفين وبعد وقوف “الإطار التنسيقي“، بوجه مشروع “التيار الصدري“، الذي كان يدعو إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

اقرأ/ي أيضا: غدا.. جمعة ملتهبة سياسيا في العراق

سبب الخلاف

بعد الانتخابات ذهب “التيار الصدري” صاحب الحظ الأوفر في الانتخابات، لتشكيل تحالفا ثلاثيا مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن” بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار التنسيقي” الذي استمر بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

والفشل سببه كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث، حيث وجه الصدر أنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: هل يمكن للقضاء العراقي حل البرلمان قانونيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.