هي كلمة مرة لكنها تؤكد الواقع الذي عاشه العراق، البارحة، رفض الرئيس العراقي برهم صالح، عبورها وقالها بصراحة، إن كل المؤسسات الدستورية في البلاد عجزت عن منع ما حصل، أمس الاثنين، فماذا بعد؟

الرئيس العراقي قال في كلمة له، مساء اليوم، إن الأحداث التي شهدتها البلاد أمس مؤلمة، وأن قوى الأمن تعاملت بحكمة مع أحداث العنف.

صالح ثمّن في كلمته موقف زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الذي نجم عنه وقف العنف في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وأردف أنه “كان شجاعا ومسؤولا”.

وشدّد رئيس الجمهورية، على أن انتهاء أحداث العنف أمر ضروري، لكنه لا يعني انتهاء الأزمة، فما يحدث هو نتيجة أزمة سياسية مستحكمة.

استمرار الفساد؟

صالح أكّد، أن البلاد بحاجة إلى تعديلات دستورية وإلى إصلاحات جذرية عاجلة في منظومة الحكم، وأنه لا شرعية لأي عملية سياسية لا تعمل على تحقيق متطلبات الناس.

الرئيس العراقي أردف، أن الانتخابات الأخيرة لم تحقق ما يأمله المواطن، وإجراء انتخابات جديدة مبكرة بتوافق وطني، يمثل مخرجا للأزمة الراهنة.

ولفت صالح إلى أن، بناء الدولة لن يتحقق من دون ترسيخ السيادة، وأن استمرار الوضع الراهن سيمكن الفساد أكثر، وأن الأغلبية الصامتة التي قاطعت الانتخابات الأخيرة، عقاب للأداء السياسي.

وأشار رئيس الجمهورية، إلى أن استقالة “الكتلة الصدرية” تركت آثارا سياسية واجتماعية، داعيا “الإطار التنسيقي” للتواصل مع مقتدى الصدر من أجل تهدئة النفوس، بحسبه.

كلمة صالح تأتي بعد أن شهدت بغداد أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

حصيلة الأحداث

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل أمس، وحتى الظهر، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 30 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

إخفاق المشروع الصدري

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.