على الرغم من عدم مشاركة طرف الأزمة الرئيسي “التيار الصدري“، لكن مبادرة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لاقت ترحيبا واسعا، فيما اعتبرها أخرون إنها تطور إيجابي في المشهد.

مبادرة الكاظمي، التي تضمن جمع قادة القوى السياسية في البلاد على طاولة “حوار وطني“، تمخض يوم أمس الاثنين، عن 6 مخرجات ركزت على ضرورة إصلاح بنية نظام الدولة العراقية، والالتزام بالسياقات الدستورية، لاسيما مع تصاعد حدة الصراع بين الأطراف السياسية، الذي وصل لحدة مواجهات مسلحة الأسبوع الماضي.

الحوار الذي شارك في اجتماعه الثاني أكثر من 10 قادة سياسيين عراقيين، يمثلون قوى وكتلا مختلفة، إضافة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحكومة، والمبعوثة الأممية إلى العراق، جينين بلاسخارت، واستمر لأكثر من ساعتين، أكد تحمل الجميع لمسؤولية الاستقرار.

المشاركون قالوا في بيان ختام صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، إن “تطورات الأوضاع السياسية وما آلت إليه من خلافات تحمّل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني، للتوصل إلى حلول، مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني“.

كما قرر المجتمعون، “تشكيل فريق فني من مختلف القوى السياسية، لتنضيج الرؤى، والأفكار المشتركة حول خريطة الطريق للحل الوطني، وتقريب وجهات النظر، بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة، وتحقيق متطلباتها بمراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في المفوضية“، وفقا لما جاء في البيان.

اقرأ/ي أيضا: أجواء حذرة في العراق.. عودة جديدة للاغتيالات؟

الحوار الوطني يؤكد على احترام المؤسسات والدستور

حملت النقطة الثالثة من الاجتماع، التأكيد على “تفعيل المؤسسات، والاستحقاقات الدستورية“، إلى جانب “دعوة التيار الصدري”، للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية، ومناقشة كل القضايا الخلافية، والتوصل إلى حلول لها“.

كما أكد المجتمعون، على “ضرورة تنقية الأجواء بين القوى الوطنية، ومن ضمن ذلك منع كل أشكال التصعيد، ورفض الخطابات التي تصدر، أو تتسرب وتسبب ضررا بالعلاقات الأخوية التاريخية، ومعالجتها من خلال السبل القانونية المتاحة، وبما يحفظ كرامة الشعب العراقي، ومشاعره، واستحقاقاته، واحترام الاعتبارات الدينية والسياسية والاجتماعية“.

وختم البيان بأن المجتمعين شددوا على ضرورة تحقيق الإصلاح في بنية الدولة العراقية، وتثمين المطالبة بمعالجة أي اختلال في أطر العمل السياسي، أو الإداري من خلال التشريعات اللازمة، والبرامج الحكومية الفعالة، وبتعاون كل القوى السياسية، وبدعم من شعبنا العزيز، ومن ضمن ذلك مناقشة أسس التعديلات الدستورية، والتمسك بالخيارات الدستورية في كل مراحل الحوار والحل“.

وشهد الاجتماع مشاركة واسعة لقيادات تحالف “الإطار التنسيقي“، وأبرزهم هادي العامري زعيم كتلة “الفتح“، وعمار الحكيم زعيم “تيار الحكمة“، ونودي المالكي زعيم “ائتلاف دولة القانون“، وفالح الفياض زعيم “الحشد الشعبي“، وكتلة “عطاء“، وزعيم كتلة “النصر“، رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.

كما شهد الاجتماع مشاركة رئيس تحالف “السيادة” خميس الخنجر، ووزير الخارجية، فؤاد حسين ممثلا عن “الحزب الديمقراطي الكردستاني“، وبافل الطالباني، رئيس “حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما غاب ممثل “التيار الصدري“.

اقرأ/ي أيضا: دخول واشنطن على خط الأزمة السياسية العراقية

استدراك للحوار الوطني

على الرغم من أن مصادر تحدثت عن أنّ “الاجتماع لم يحقق تقدما ملموسا فيما يخص الأزمة، كما أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أبلغ المشاركين بأن اجتماعا ثالثا سيكون قريبا يجمع القوى السياسية بهدف الوصول إلى حلول، مع دعوته إلى إيقاف أي تصعيد قد يدفع التيار الصدري، إلى النزول من جديد للشارع العراقي“.

كما اعتبرت، أن “مدى فاعلية اللجنة المصغرة التي تطرّق لها بيان رئيس الوزراء ستبقى رهن قبول الصدر، انتداب أحد من تياره إليها ومدى إمكانية ترجمة ما تتوصل إليه على أرض الواقع“.

لكن بالمجمل رحبّت الأوساط السياسية بالمبادرة ومخرجاتها، التي اعتبرت تطورا باتجاه التقريب بين القوى السياسية للتوصل إلى حل وسطي، لا سيما بعد الصدام المسلح الذي انزلق إليه طرف الأزمة الرئيسي “التيار الصدري”، بعد أن اقتحم أنصاره الذين كانوا معتصمين داخل الخضراء للقصر الحكومي – الجمهوري، لترد قوات الأمن التي من بينها فصائل موالية لإيران، و”الإطار” ومنخرطة بالـ “الحشد الشعبي” بالرصاص الحي، ما أسفر عن قتلى وجرحى دفعت بـ“سرايا السلام”، الجناح المسلح للصدر بالنزول إلى الشارع بدعوى الدفاع عن أنصارهم.

‏وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي علاء مصطفى، لموقع “الحل نت“، إن “طاولة حوار ‫الكاظمي مع زعماء الكتل السياسية، أشّرت نقلة نوعية أنهت ملل العبارات الانشائية غير المنسجمة مع سخونة الأزمة“.

مصطفى، أوضح أن “النقلة تمثلت بتشكيل فريق فني يقرب وجهات النظر حول محاور خلافية تتمثل في؛ انتخابات مبكرة ومتطلباتها، مراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في مفوضية الانتخابات“.

هل ينخرط الصدر في الحوار الوطني؟

‏كما لفت، إلى أن “الصدر لن يلتحق بالحوار دون وجود ضامن“. مشيرا، إلى أن “تأخر الكاظمي عن تحويل مبادرته للحوار إلى مشروع عبر تشكيل لجنة موسّعة برئاسة مستشار الأمن أو رئيس جهاز المخابرات، منح الحلبوسي فرصة طرح بنوده التي هي خلاصة رغبات الكتل السياسية وتكثيف لطموحاتها“.

ما يجدر ذكره، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة جاءت نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وتحالف “السيادة”، الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

اقرأ/ي أيضا: بعد الاستقالة.. هل يحق للنواب الصدريين العودة إلى البرلمان العراقي؟

سبب فشل المشروع الصدري

“إنقاذ وطن“، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية”، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي”، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكّن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” – التي لجأ إليها “الإطار”، صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار”، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار”، من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار”، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: هكذا أجبر السيستاني الصدر على وقف معارك الخضراء ببغداد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.