مع انتهاء مراسيم إحياء ذكرى زيارة أربعينية الإمام الحسين، وفي ظل الحديث عن احتمالية الشروع بمرحلة جديدة من التفاهمات السياسية حول تشكيل الحكومة العراقية، كشف تقرير لحصيفة “الأخبار” اللبنانية اليوم السبت، عن غلق زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، باب التفاوض بوجه غرمائه في تحالف “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران.

التقرير الذي تابعه موقع “الحل نت”، أكد نقلا عن مصادر مقربة من “التيار الصدري”، عدم صحة ما يشاع عن وجود مفاوضات بين الصدر و”الإطار التنسيقي” على تشكيل الحكومة المقبلة.

وبين أن “المفاوضات التي يمكن أن يخضع لها زعيم التيار الصدري يجب أن تكون ضمن الأطر التي طرحها هو، وإن كان في النهاية الجميع خاضع للتفاوض”.

الصحيفة أكدت ذلك بالقول، إنها “ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أن وفدا رفيع المستوى يضم قادة من تحالف الفتح وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، سيتوجه إلى الحنانة، محل سكن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر للقائه، ومحاولة التوصل إلى حل معه للأزمة السياسية التي تعصف بالعراق”.

كما أضافت إنه “إذ قِيل قبل ذلك إن رئيس تحالف الفتح هادي العامري، سيزور الصدر ولم يفعل، ثم قيل إن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، ورئيس تحالف السيادة – رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي سيزورانه، ضمن وساطة بين الصدري والإطار التنسيقي، وأيضاً لم يحصل”.

 والظاهر أن “ما مَنع الزيارتين، هو إصرار الصدر على رفض التفاوض مع الإطار وفق شروط الأخير، الأمر الذي لا يزال قائما إلى الآن”، وفق ما أفاد به مصدر مقرب من الصدر للصحفية.

اقرأ/ي أيضا: العراق بين الانفجار والانفراج.. هل يتجدد الاحتجاج؟

الصدر وانعدام الخيارات

على الرغم من ذلك، فأن الصحفية ترى في تقريرها، أن الحديث والإعلان منذ أيام عن زيارة مرتقبة للأطراف الثلاث الكرد والسنة والإطار، يعكس رهان تلك الأطراف على أنه لم يعد أمام الصدر خيار سوى العودة إلى المفاوضات، لاسيما بعد استفاد جميع خيارته التي وصلت حد المواجهات المسلحة”.

التقرير أشار إلى أن “ما يعزز تلك الرؤية لدى الصدر لأنه بات من دون حلفاء، خاصة بعد إظهار جميع الأطراف عدم رغبتها في المضي معه حتى النهاية، بسبب علو سقف مطالبه وعدم قابليتها للتحقق، بما في ذلك أن شعار مكافحة الفساد الذي يرفعه الصدر، وبغضّ النظر عن هدفه من الإصرار عليه، يطال – في مَن يطال – أولئك الحلفاء ذاتهم”.

وبحسب الصحيفة، فأن المصدر المقرب من الصدر “يقر بضرورة نتائج التفاوض”، قائلا إنه “في النهاية الجميع خاضع للتفاوض، لكن توجهات السيد مقتدى الصدر واضحة لجهة أن التفاوض يجب أن يتم وفق الأُطر التي طرحها هو”.

وعنما يتعلق باستقبال الوفد الثلاثي المفاوض، بين المصدر أن “بارزاني والحلبوسي وخميس الخنجر جميعهم حلفاء للصدر، وليسوا مثل الإطار الذي تعامَل بشكل سيئ مع التيار الصدري خصوصا بعد قتل 50 شخصا في المنطقة الخضراء، حيث اجتمع بعدها عمار الحكيم وقيس الخزعلي ونوري المالكي ودعوا إلى عقد جلسة نيابية، من دون اعتبار للدماء التي سقطت”.

وأوضح أيضا، أن “هذا التصرف أدى إلى امتعاض الصدر”، مشيرا إلى أن “هؤلاء يريدون حكومة كسر إرادات ومحاصصة، وأعتقد أن المساحات الموجودة للتفاوض معهم تكاد تكون معدومة لغاية هذه اللحظة”.

كذلك استدرك بالقول، إنه “لا يمكن أن لا سيتقبل الصدر حلفاءه، لكن من الصعب جدا أن يستقبل في الوقت الحاضر أي شخصية من الإطار التنسيقي”، مؤكدا “عدم وجود أي مفاوضات حاليا حول تشكيل الحكومة”.

اقرأ/ي أيضا: هكذا “تسبب” الصدر بالأزمة السياسية في العراق

الصدر و”الإطار” وصراع السلطة

كما أعتبر المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن “القضية معقدة جدا، وأسلوب الإطار في التعامل لا ينم عن وُجهة نظر سياسية حقيقية، وإنما عن وجهة نظر سلطوية”، مشيرا إلى “أنهم يريدون السيطرة على السلطة وعلى موارد البلد والسيطرة الأمنية، وأيضا تقوية ميليشياتهم”.

وعلى رغم انتقاده “التنسيقي مجتمعا، إلا أن يتجنب مهاجمة تحالف الفتح أو العامري بالاسم، ويرى أن “كل القوى السياسية لا ترغب في أن يشكل الإطار الحكومة بوجود الخزعلي والمالكي وعمار الحكيم أيضا، الذي يقوم حاليا بلقاء السفراء لعله يحصل على دعم لحكومتهم المفترضة، لكن لا نرى أن الديموقراطي والسيادة يلتقيان مع الحكيم، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون ضامناً للإطار كما يقدّم نفسه”.

تطورات المواقف الأخيرة تأتي بعد أن كانت الأزمة السياسية في العراق، قد اشتدت منذ الـ30 تموز/يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

بعد أن عاد المشهد ليتطور في 29 آب/أغسطس الماضي، شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري – الحكومي-، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومية مع فصائل تابعة لـ “لحشد الشعبي“، وموالية لـ “الإطار” أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما دفع “سرايا السلام“، الجناح المسلح التابع للصدر للتدخل للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء، انتهت عندما دعا الصدر في اليوم التالي من خلال مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

حيثيات الأزمة 

تلك التطورات جاءت نتيجة لصراع سياسي، دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز كتلة الصدر فيها أولا، وخسارة قوى “الإطار“، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن” أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية“، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي“، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية“، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية – البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور، وهو ما لم يتمكن “إنقاذ وطن” من تحشيده.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار“، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي، محمد شياع السوداني، في الـ25 من تموز الماضي، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. خيارات مقتدى الصدر بعد تخلي الحلفاء عنه

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.