أيام قليلة مضت على توقيع “الاتفاق الإطاري” بين القوى العسكرية وقوى سياسية متعددة في السودان، حتى جاء إعلان آخر عن توقيع اتفاق جديد ومؤجل منذ سنوات بين أبو ظبي والخرطوم، بقيمة 6 مليار دولار، لتطوير وتشغيل ميناء” أبو عمامة” شرقي البلاد.

عقبات عدة قد يواجهها الاتفاق على الأرض في حال بدأ تنفيذه وفقا لمراقبين، وذلك لعدم طرحه في مناقصة عالمية، إلى جانب الأزمة التي يعيشها شرق السودان، وعدم التوقيع النهائي على “الاتفاق الإطاري” واستمرار القوى الرافضة له على مواقفها.

تطور في العلاقات الاقتصادية

الاتفاق بين الإمارات والسودان، يعتبر تطوُّرا في العلاقات الاقتصادية الثنائية، ويتيح للطرفين فرصا وعوائد مبشّرة، خاصّة بالنسبة للسودان الذي يشهد أزمة اقتصادية، بحسب حديث الباحث المتخصص بالشأن الخليجي محمد زغول، لـ”الحل نت”، والمشروع وفقا لما أشار له وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم خلال مراسم التوقيع، يضم منطقة اقتصادية ومطارا ومنطقة تجارية وأخرى زراعية، ممّا يشير إلى بنية تحتية متكاملة، ومترابطة ستساعد على تحقيق التنمية، والنهوض وتعزيز فرص تشغيل اليد العاملة.

 الإمارات تتطلع إلى تعزيز تواجدها في إفريقيا من خلال زيادة الاستثمارات، وتوسيع الأعمال، وعقد الشراكات الاستراتيجية التي تسهم زيادة الحركة التجارية بين بلدان قارة إفريقيا وتعزز مسيرة التنمية المستدامة، وفق زغول.

إفريقيا تعد منطقة نموّ اقتصادي، يقول زغول، حيث إنها توفر الكثير من الفرص، خاصة في قطاعات النقل، وهناك حاجة إفريقية ماسّة لمواصلة تطوير الموانئ، وتطوير قطاع الخدمات اللوجستية، والممرات التجارية، والتجارة الإلكترونية، وغيرها من الأعمال الحيوية التي تُعدُّ أبو ظبي وجهة لها.

قد يهمك: أزمة السودان الاقتصادية تربك أسواق العقارات والسيارات.. الأسباب والعواقب؟

 بالرغم من كثرة الموارد الطبيعية، وتوافر الأعداد المتنامية من القوى العاملة الشابة، لا تزال إفريقيا بحاجة ماسة إلى تحسين الازدهار على النطاق المحلي، وتوفير بنى تحتية تسمح بالانخراط أكثر في التجارة العالمية، ويعد تطوير الممرات التجارية، وتحسين البنية التحتية للموانئ، وفق زغول، أمرا بالغ الأهمية في هذا السياق، لربط القارة بالعالم، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، والتنمية، وتمتلك إفريقيا بالفعل الكثير من الشروط الموضوعية التي تؤهّلها للتحول سريعا إلى لاعب رئيسي في حركة التجارة العالمية.

التوسع الصيني والاستثمار العربي

إذا ما تمت المقارنة بين اتفاقية مشروع ميناء “أبو عمامة”، بالتوسع الصيني في موانئ القرن الإفريقي نجد مفارقة واضحة، وفق ما يراه مراقبون، لأن بكين لا تركز حصريا على البنية التحتية، بقدر تركيزها على المصالح التي ستجنيها من خلال المشاريع أو المنح التي تقدمها للدول المتلقية على شكل ديون، للمطالبة بمزايا دبلوماسية وتجارية.

الصين تحتفظ بقسم كبير من الديون الخارجية للدول الإفريقية، قدمتها في إطار تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” التي تمر بـ 41 بلدا من أصل 55 بلدا في القارة الإفريقية، معظمها موجود على الساحل الشرقي للقارة وتطل على المحيط الهندي، ومن بين هذه الدول الثلاث إثيوبيا وجيبوتي وإريتريا.

في حين تعد الصين الدائن الرئيسي لثلاث دول إفريقية، وخاصة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجيبوتي، وزامبيا، إذ تظهر إحصاءات الحكومة الصينية، بأن بكين أقرضت 50.8 مليار دولار للقارة العام الماضي. ويؤكد مراقبون بأن العديد من الدول الإفريقية، أُجبرت على إعادة هيكلة الديون الصينية، لأنها غير قادرة على الوفاء بموعد سدادها، حيث إن الدول التي فتحت أبوابها للاستثمارات والمساعدات الصينية ساءت أحوالها الاقتصادية، والمنافع الفعلية تذهب إلى الصين، وتنتهي العلاقة تلك بتحكم بكين بموارد الدول المتلقية.

اقتصاد طويل الأمد؟

‏ تحالف “موانئ أبو ظبي” مع تطوير وتشغيل ميناء “أبو عمامة”، معادلة نتيجتها الوصول لمنطقة اقتصادية في السودان، بحسب حديث الخبير الاقتصادي الإماراتي نايل الجوابرة، يعتبر اقتصاد طويل الأجل بـ6 مليارات دولار، وطبعا هذه المنطقة سوف يكون لها أثر إيجابي على السودان، لأن هناك 1.6 مليار دولار منطقة زراعية، وتصدير المحاصيل الزراعية إلى الخارج، عبر الميناء، خصوصا وأن المناطق الزراعية تحتاج إلى بنية تحتية سواء طرق أو أمور أخرى كالكهرباء، والبنية التحتية تُطور المنطقة، وستصبح هناك منطقة اقتصادية حرة إلى السودان، وفق تعبيره.

اقرأ أيضا: ترقب لـ“الاتفاق الإطاري“.. عودة الحكم المدني السوداني؟

“عندما تكون هناك بنية تحية قوية، يكون هناك شركات ويصبح لدى بعض الدول الرغبة بالاستثمار في هذه المنطقة”، بحسب حديث الجوابرة، وتشغيل موانئ جديدة بالنسبة للسودان، سوف يجعل منها منطقة صناعية اقتصادية تجلب أموالا كثيرة إليها، فالموانئ تعتبر دعم اقتصادي كبير للبلد.

“وجود عدة موانئ يعني ذلك ارتفاع وتعدد الصادرات”، وفق قول الجوابرة، وفي السودان يوجد ميناء “برج سودان” وميناء “حيدوب”، والمنطقة الصناعية الجديدة تدعم أيضا بأن يكون هناك منطقة حرة في الساحل بالنسبة إلى البحر الأحمر، حيث سيكون هناك إنتاج كبير، والذي سيعود بالفائدة على كلا الطرفين.

أهمية الميناء للخليج العربي

توقيع الاتفاقية المبدئية بشأن ميناء “أبو عمامة” يعتبر أحد الشراكات الإستراتيجية بين الإمارات والسودان، وسيمثّل دفعة للعلاقات الاقتصادية من أجل مصلحة الشعبين، من وجهة الرئيس التنفيذي لـ “ائتلاف مجموعة موانئ أبو ظبي”، محمد جمعة الشامسي.

الشامسي تحدث خلال احتفال التوقيع، مؤكدا أن “المجموعة ستوظف كل خبراتها لإنجاح المشروع الذي سيعمل على توفير فرص عمل مقدّرة للسودانيين، ويرفع من حجم الصادرات السودانية إلى الخارج”.

 السودان وقع الثلاثاء الماضي، مع شركات إماراتية اتفاقا لتطوير ميناء “أبو عمامة” على ساحل البحر الأحمر شرقي البلاد، بقيمة 6 مليارات دولار، بحسب إعلام عربي ومحلي.

حكومة الخرطوم وقعت مع مجموعة “موانئ أبو ظبي” وشركة “إنفيكتوس” للاستثمار، اتفاقا لتطوير الميناء والمنطقة الاقتصادية في ولاية بورتسودان.

أخيرا، اتفاق تطوير ميناء “أبو عمامة” يعكس أبعاد الصراع الدولي المحموم للسيطرة على منافذ البحر الأحمر، فالمشروع بأبعاده الاقتصادية الضخمة، يمثل مكسبا للسودان، لكن في ذات الوقت سيشعل الصراع بين أطراف دولية للسيطرة على المنافذ المذكورة، ومن شأنه أن يضع السودان تحت دائرة استقطاب واسع من القوى الكبرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة