في خطوة غريبة من نوعها، جدد رئيس “تيار الحكمة” عمار الحكيم مساء أمس السبت، تأكيده على عدم المشاركة في الحكومة القادمة، في حين وجه دعوة إلى القوى الكردية لحسم ملف رئيس الجمهورية لاستكمال تشكيل الحكومة.


جاء ذلك في بيان أورده مكتبه الإعلامي لموقع “الحل نت“، حيث ذكر أن “الحكيم زار محافظة بابل، والتقى عددا من شيوخ العشائر والوجهاء“، وقال أثناء زيارته إن “أبناءنا من عناصر الحشد الشعبي قدموا أرواحهم ودماءهم بكل تواضع وسخاء من أجل تحرير الأرض والعرض والمقدسات، وبفضل دمائهم ننعم اليوم بالأمان والاستقرار، وعلينا استذكار هؤلاء الشباب، وتدوين مآثرهم وتضحياتهم وقصصهم والفخر ببطولاتهم، فهم فخرنا وعزنا وكرامتنا“.


وبحسب البيان، أضاف الحكيم أن “مؤسسة الحشد الشعبي ضرورة أساسية في المنظومة الدفاعية الوطنية، ويتوجب حمايتها والدفاع عنها والحفاظ عليها وعدم التفريط بها، وعليها مواصلة الجهد في البناء المؤسساتي السليم والصحيح، وتنظيم أمورها الداخلية إداريا وعسكريا، وأن تحافظ على إرث ومآثر شهدائها ليتحول إلى مؤلفات وأعمال فنية“.


فيما تطرق لأخر المستجدات السياسية في البلاد، قائلا: “وجهنا الدعوة للقيادات الكردية الكريمة للاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية أو آلية ترشيحه، ليُحسم مع أول جلسة لمجلس النواب خلال الأيام القادمة بعد انتهاء عطلته التشريعية“، مبينا أن” الإطار التنسيقي جاد بسرعة ترشيح رئيس مجلس الوزراء، والمضي بتشكيل حكومة الخدمة الوطنية“.


كما أكد مجددا، “عدم المشاركة في الحكومة القادمة، مع تحمل مسؤوليتنا تجاه أبناء شعبنا بالاستمرار في تقريب وجهات النظر، والتشجيع والتحفيز والمساعدة بتشكيل الحكومة“.

اقرأ/ي أيضا: بايدن يتحدث عن انسحاب الصدر والديمقراطية في العراق


صراع رئاسة الجمهورية


يشار إلى أن، في العراق وما بعد 2003، حصلت اتفاقيات وتفاهمات بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة رئيس إقليم كردستان الأسبق، مسعود بارزاني، و“الاتحاد الوطني الكردستاني” بزعامة الرئيس العراقي الأسبق، الراحل جلال طالباني، يتم بموجبها منح رئاسة الإقليم لـ “البارتي – الديمقراطي” ورئاسة العراق لـ “اليكتي – الاتحاد الوطني“.


ومنذ 2006 وإلى اليوم، منصب رئاسة العراق، هو من نصيب “اليكتي“، ورئاسة إقليم كردستان من نصيب “البارتي“، لكن الأخير يرفض تلك المعادلة هذه المرة، فهو يسعى لتحقيق مبدأ الأحقية الانتخابية.


الأحقية الانتخابية، تعني الحزب الحائز على أكثر مقاعد نيابية من غيره، و“البارتي” فاز أولا على مستوى الكرد في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة بحصوله على 31 مقعدا نيابيا.


بالمقابل خسر “اليكتي”، وتراجعت مقاعده إلى 17 مقعدا نيابيا، وذلك التراجع شجّع “البارتي” لفك مبدأ التوازن وتقاسم المناصب مع “اليكتي“، غير أن الأخير يرفض التفريط بما يسميه “أحقيته” بمنصب رئاسة الجمهورية.


“البارتي” رشح وزير داخلية إقليم كردستان، ريبر أحمد، لمنصب رئاسة العراق، فيما رشح “اليكتي” الرئيس العراقي الحالي، برهم صالح، لمنصب الرئاسة، سعيا منه للحصول على ولاية ثانية داخل “قصر السلام”.


ويبسط “البارتي” سيطرته على محافظتي دهوك وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما يحكم “اليكتي” نفوذه على محافظتي السليمانية وحلبچة، المستحدثة كمحافظة في السنوات الأخيرة.

اقرأ/ي أيضا: رئيس البرلمان العراقي يدعو لحسم ملف انتخاب رئيس الجمهورية


اشتراطات “البارتي”


كان “البارتي” بزعامة مسعود بارزاني، اشترط على “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، والذي يتولى مهمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، تحقيق مبدأ “التوازن والتوافق والشراكة” للاشتراك في تشكيل الحكومة.


“الإطار” أعلن مطلع هذا الشهر، موافقته على تلك الشروط، لكنه أكد أنه سيصوت لمرشح “اليكتي” لمنصب رئاسة الجمهورية، في حال عدم توافق “البارتي” و“اليكتي” على مرشح توافقي واحد لرئاسة العراق.


ومن غير المعروف متى سيتم عقد جلسة برلمانية خاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، لكن زعيم ميليشيا “العصائب” وكتلة “صادقون” المنضوية في “الإطار التنسيقي“، قيس الخزعلي، قال في كلمة له، أمس الأحد، إن الجلسة ستعقد بعد عيد الأضحى مباشرة.


جدير بالذكر أن، “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.


بحسب كثير من المراقبين، فإن الانسداد السياسي بات مزمنا في العراق، فلم تحل عقدته بعد، رغم انسحاب “التيار الصدري” من العملية السياسية وتركه الساحة لـ “الإطار التنسيقي“، لتشكيل حكومة جديدة.


في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعد.


كان “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.


صراع تشكيل الحكومة


بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.


“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.


قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.


عاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، ورغم انسحاب الصدر فإن الانسداد لم ينته بعد.


يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهّد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.


إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.


ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

اقرأ/ي أيضا: 48 ساعة تفصل عن إعلان مرشح رئاسة الحكومة العراقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.