ضمن حراك واسع تسعى الإمارات من خلاله إثبات حضورها في المشهد الدولي، استقبل الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، وذلك في إطار العلاقات التاريخية والشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، إضافة إلى مجمل القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

خلال ذلك بحث الرئيسان سبل تنمية علاقات التعاون وتطويرها إلى آفاق أوسع في مختلف المجالات، وجاءت تلك المباحثات -التي شملت الجوانب التنموية والتكنولوجيا والابتكار والطاقة والاقتصاد إلى جانب المجالات التعليمية والثقافية والعمل البيئي واستدامة الموارد والأمن الغذائي وعلوم الفضاء- في إطار زيارة لرئيس الوزراء الياباني إلى الإمارات ضمن جولة خليجية.

الزيارة تأتي لتعزيز العلاقات المشتركة بين الإمارات واليابان التي تمتد إلى أكثر من 50 عاما، بنى خلالها البلدان، شراكة استراتيجية في كثيرٍ من المجالات الرئيسية، الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والدبلوماسية، كما تأتي انطلاقا من دورهما المحوري في دفع مسارات التنمية المستدامة عبر العالم.

أهمية الزيارة اليابانية إلى الإمارات

لذلك، تحظى زيارة رئيس وزراء اليابان، كيشيدا، إلى الإمارات بأهمية خاصة، وفي ضوء حرص البلدين على تعزيز العلاقات الاقتصادية والبناء على ما تم الاتفاق عليه أخيرا لجهة تعزيز وتطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والدفع بها إلى آفاق أرحب بما يسهم في تحقيق تطلعات البلدين وشعبيهما إلى مزيد من التنمية والازدهار المستدامين.

زيارة كيشيدا للدولة الإماراتية هي الزيارة الرسمية الأولى له بعد إطلاق اتفاقية الشراكة الشاملة بين البلدين في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، حيث تعد هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقة الاقتصادية إلى مستوى أوسع وأكثر شمولية، خصوصا وأن لدى البلدين مصلحة مشتركة في مواصلة توسيع التجارة والاستثمار بينهما.

على هذا الأساس، وقعت الإمارات واليابان، 23 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين، في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والطاقة المتجددة والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والفضاء والصحة والنقل والشحن والبيئة والاقتصاد الدائري، وذلك خلال منتدى الأعمال الإماراتي الياباني الذي عقد في العاصمة أبوظبي.

وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري خلال المنتدى أكد، على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات واليابان، والتي تتميز بالروابط التاريخية الوثيقة والشراكة الاستراتيجية المستدامة في المجالات كافة، ودعم توجيهات قيادتي البلدين الصديقين، مشيرا إلى أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين تحظى بالزخم المتواصل في الفرص والممكنات للتوسع بالقطاعات الاقتصادية الجديدة، والرؤى المشتركة لبناء مستقبل واعد لاقتصادهما، والتحول نحو نموذج اقتصادي أكثر تنوعا واستدامة.

ابن طوق قال إن، زيارة شركائنا اليابانيين تمثل لنا اليوم فرصة مهمة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدولتين ودفع العلاقات الثنائية قدماً، ولطالما كانت العلاقات بين دولة الإمارات واليابان راسخة وقوية، أساسها القيم والمصالح المشتركة، حيث قدّمت الدولتان نموذجا رائدا في التعاون الاستراتيجي على مدى العقود الخمسة الماضية.

حضور إماراتي مهم يؤكده تنوع العلاقة مع اليابان

في السياق، أشار محللون إلى أن الزيارة اليابانية إلى الإمارات تؤشر مدى حضور الإماراتي في المشهد العالمي، وأنها نتيجة للدور الذي بات أبو ظبي تلعبه في مختلف المجالات، حيث أثبتت مدى تأثيرها في القضايا الإقليمية والدولية وعلى مختلف المستويات والمجالات.

رئيس الوزراء الياباني يزور الإمارات ضمن جولة خليجية/ إنترنت + وكالات

في هذا الصدد، يقول المختص بالعلاقات الدولية، محمد اليمني، إن الإمارات في الآوانه الأخيرة عقدة اتفاقيات كثيرة مع دول في آسيا وإفريقيا وكذلك أوروبا، فهي تخوض تنافسا غير عدائي مع جوارها الإقليمي مثل السعودية ومع دول العالم، لحجز مكانتها في الشرق الأوسط أو كدولة تمتلك ثقل اقتصادي قوي، ومن هذا المنطلق تأتي الزيارة اليابانية.

اليمني وفي حديث لموقع “الحل نت”، أشار إلى أن، الإمارات تمتلك ثقلا داخليا وخارجيا، وتحتاج إلى شراكات من نوع استثنائي، وبالتالي فإن اليابان تعد واحدة من الدول الاقتصادية القوية، وأنه ما بعد تفشي فيروس “كورونا”، والغزو الروسي لأوكرانيا بات الوضع الاقتصادي العالمي صعب، لذا لجأت أغلب الدول إلى إيجاد خيارات لتجاوز أزماتها من حيث الركود والتضخم.

لذا تسعى الإمارات إلى تمتين علاقاها وتأكيد حضورها بين الدول الكبرى، بما يساهم في دعم اقتصادها، يؤكد اليمني، ويلفت إلى أن، الإمارات دولة لها حضور إقليمي ودولي، وهي فاعلة بمختلف الملفات في المنطقة، ودورها لا يقل عن دور باقي اللاعبين، إلا أنها تبذل قصار جهدها لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية عالميا.

ذلك يأتي بـ “الاستفادة من رغبة اليابان في تعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة في ظل تعاظم المنافسة الدولية، وفهي لا تريد أن تسمح لدول مثل الصين والهند أن يستغلوا المساحة لوحدهم، لذلك تريد أن تقدم حضورا اقتصاديا متنامي في المنطقة”

إلى ذلك، يشير خبراء إلى أن، هذا التنوع في العلاقات الإماراتية اليابانية يرتبط بالدور الأساسي والمهم الذي تقوم به الإمارات في المنطقة كقوة ناعمة، ويبزغ كذلك من خلال علاقاتها الاستراتيجية مع عديد من الأطراف الأخرى من بينها الهند واليابان ودول أخرى.

حجم العلاقة الإماراتية اليابانية

إذ أن هذا التنوع من شأنه أن يمنح الإمارات شعبية أكثر في العالم، ويعزز مكانتها كمكان مناسب للاستثمارات، بدليل أن الاستثمارات في الإمارات كانت الأعلى في العام 2022 مقارنة بدول المنطقة في العام 2022 بما يصل إلى 23 مليار دولار.

الإمارات واليابان يوقعان 23 اتفاقية ومذكرة تفاهم/ إنترنت + وكالات

يشار إلى أن بين الإمارات واليابان تعاملات وثيقة، حيث تحقق السياحة البينية بين البلدين نموا متواصلا، إذ وصلت حركة الطيران قرابة 90 رحلة شهريا عبر الناقلات الإماراتية الوطنية، كما بلغ إجمالي عدد الزوار اليابانيين لدولة الإمارات نحو 56 ألف زائر خلال عام 2022 بزيادة قدرها 26 ألف زائر بالمقارنة مع عام 2021، وهو ما يعكس تنامي العلاقات السياحية والجوية بين الدولتين.

أما التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات واليابان فقد 14.7 مليار دولار خلال عام 2022 محققا نموا بنسبة 10 بالمئة مقارنة بعام 2021 و36 بالمئة عن عام 2020، كما بلغ متوسط التجارة غير النفطية بين البلدين خلال العقد الماضي 14 مليار دولار سنويا، باستثناء العام 2020 الذي شهد انتشار جائحة “كورونا”.

كل ذلك ساهم بأن تكون دولة الإمارات الشريك التجاري السابع لليابان على مستوى العالم، في حين رسخ مكانة اليابان كثامن أكبر شريك للإمارات عالميا، فيما تعد الإمارات الشريك التجاري الأول لليابان من حيث الصادرات والواردات في العالم العربي، حيث تستوعب 40 بالمئة من صادرات اليابان إلى الدول العربية، وتوفر 39 بالمئة من وارداتها من المنطقة.

كما تشكل الإمارات مصدرا لـ 42 بالمئة من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى اليابان من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتقدر قيمة الرصيد التراكمي للاستثمارات اليابانية في دولة الإمارات بنحو 14 مليار دولار، فضلا عن وجود 10,000 شركة ووكالة تجارية يابانية تعمل في قطاعات مختلفة، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والنقل والرعاية الصحية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة