ما تزال تداعيات التسريب الصوتي المنسوب لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، مستمرة، آخرها كانت تحريك القضاء لشكوى ضده اليوم الاثنين

 محكمة تحقيق الكرخ أعلنت مفاتحة وزارة الداخلية لتزويدها بالتسجيلات ‏المنشورة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وعن ذلك، قال قاضي المحكمة الأول في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع“، وتابعه موقع “الحل نت“، إنه “تم تحريك شكوى ضد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري كامل ‏المالكي، بخصوص التسريبات الصوتية”.

القاضي أضاف أيضا، أن “عدة شكاوى قدمت من ‏قبل عدد من المواطنين بخصوص ذلك“، مبينا أن “المحكمة دونت أقوال ‏المشتكين وقررت مفاتحة وزارة الداخلية/ مديرية التقنيات ‏والمعلوماتية/ قسم الجريمة الإلكترونية بغية تزويدنا بالتسجيلات ‏المنشورة من الموقع الذي سرب التسجيلات”.

لكن حتى الآن لم ترد الإجابة إلى القضاء وما زالت الإجراءات مستمرة، بحسب القاضي، مشيرا إلى أن “المحكمة قررت تدوين أقوال صاحب ‏الموقع الذي سرب التسجيل الصوتي وبانتظار معرفة عنوانه الدقيق ‏لتبليغه بذلك“. 

تحريك القضاء لشكوى ضد المالكي المعروف بتنفذه، وتأثيره داخل العملية السياسية في العراق، ونفاذه من اتهامات أكبر من ذلك، لاسيما فيما يتعلق بتقصيره بسيطرة تنظيم “داعش“، على مساحات شاسعة من البلاد إبان حكمه، أثار السؤال حول تداعيات ذلك، فيما إذا كانت مقاضاة المالكي ستمهد لمحاسبة شخصيات أخرى متورطة بالفساد.

اقرأ/ي أيضا: التسريب الكامل المنسوب للمالكي يكشف حجم الفساد داخل “الحشد الشعبي” 

وجهة نظر

 قانونية في هذا الشأن، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي، في حديث خاص لموقع “الحل نت“، إنه “لا شك فيما إذا تمت محاكمة المالكي فأن القضاء لن يتورع عن محاسبة كل من يقع في هذا الفعل، لاسيما وأنه لا يمكن محاسبة شخص عن فعل دون غيره“.

وأضاف أن “القضاء حاليا أرسل إلى وزارة الداخلية لتزويده بالتسجيلات الصوتية، وهنا سيقوم القضاء بالاستماع إلى التسجيلات ومن ثم يوجه بإرسالها إلى التحقيقات الجنائية في الداخلية للتأكد من صحتها“.

وتابع أن “بعد التحقق منها يتم إرسال النتائج إلى القضاء، وبناء على ذلك سيقوم القضاء باتخاذ إجراءاته“، لافتا إلى أنه “في حال ثبتت صحة التسجيلات فأن هنا سيتم النظر بقانونيتها، وتفصيلها وتبويبها، ومن ثم إصدار الأحكام على كل ما ورد في التسجيل“.

العبادي أكد، أن “في حال ثبتت صحة التسجيلات، بأن المالكي سيواجه عدة أحكام على كل ما ورد تفصيليا، وكل حسب الأحكام القانونية التي تترتب عليها“.

من جهته، يقول المحلل السياسي مروان البدري، لـ “الحل نت“، إن “مقاضاة المالكي مؤكد تمثل خطوة مهمة، خصوصا وأن المعروف أن المالكي هو من يفرض نفوذه على القضاء العراقي، لذلك محاكمته تعد خطوة في اتجاه تعزيز القضاء والقانون وإعادته إلى قيمته وحجمه الطبيعي”.

البدري أشار إلى أن “المجتمع العراقي لا يثق في القضاء بالتالي هذه فرصة قد لا تتكرر في المدى القريب لإعادة ثقته مع المواطنين، كما أن اتخاذه موقف بطولي والثبات على محاكمة المالكي بنزاهة سيرسل برسالة قوية إلى باقي الشخصيات الفاسدة“.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يرد على التسريبات الصوتية للمالكي.. “انصحه بتسليم نفسه للقضاء”

ضجة المالكي مؤقتة

من ناحيته، الصحافي العراقي والمهتم في الشأن السياسي، فقار فاضل، يقول لموقع “الحل نت“، إنه “لا شك محاكمة المالكي تمثل خطوة صعبة، خصوصا وأنه إلى الآن لم تثبت صحة التسجيلات الصوتية فيما إذا كانت فعلا عادة للمالكي أو غيره، بالتالي ليس هناك ما يثبت تورطه رسميا”.

فاضل شدد على “ضرورة أن يكون للقضاء موقف في التثبت من صحة التسجيلات“، مشيرا في الوقت ذاته إلى “محاكمة المالكي أمر ليس بالسهل، لاسيما وأن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، في أول استلامه ذهب إلى تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد والجرائم الكبرى، ورغم إطاحتها برؤوس فساد كبيرة لكنها لم تنجح في الاستمرار في عملها لكثرة الضغوط”.

بالتالي أن “قضية المالكي هي قضية وقتية لن تذهب أكثر من مرحلة تشكيل الحكومة العراقية، كونها بالأساس خرجت في هذا الوقت لغرض تسقيطي لا أكثر، وقد تمثل انتقالة جديدة في مرحلة التدافع بين الشخصيات السياسية من حيث لجوء الأخرين لسلاح التسريبات لضرب خصومهم، أما فيما يتعلق بمحاسبة المالكي أو تشجيع القضاء غالبا سيكون حديث لا محل له في الواقع“، وفقا للصحافي العراقي.

فاضل نوه في ختام حديثه، إلى أن “لا يتوقع من القضاء موقف شجاع، وإن يتحرك فعليا لمحاسبة المالكي أو غيره من شخصيات متورطة في قضايا الفساد وغيرها“.

وكان مجلس القضاء الأعلى قد أعلن في 19 من تموز/يوليو الحالي تلقيه طلبا للتحقيق بتسريبات منسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، جاء ذلك على إثر تلقي محكمة تحقيق الكرخ طلبا مقدما إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي.

وكان المالكي بحسب تسريب صوتي امتد لـ48 دقيقة انتشر يوم الجمعة الماضي، نسب له، وكان قد نشر منه في وقت سابق 6 أجزاء بين دقيقتين وثلاثة  قبل أن يتم نشره كاملا، قد كشف عن اجتماع المالكي مع قادة لميليشيا تسمى بـ “أئمة البقيع“، مسيطرة على مواقع حيوية بمحافظة ديالى.


كراهية وفساد إسلاموي


التسريب سلط الضوء على حجم الكراهية والطائفية التي يفكر بها المالكي تجاه باقي المكونات في البلاد والأطراف السياسية، فضلا عن حجم الفساد داخل هيئة “الحشد الشعبي“.


وظهر خلال التسريب الذي كان يتحدث فيه ما يدعى أنه المالكي، قائلا إنه “ينوي تسليح من 10-15 جماعة مسلحة استعدادا لمرحلة اقتتال طاحن في العراق“، كما وصفه، بأن القادة الحاضرين كان يسعون من خلال الاجتماع لاستحصال الدعم المالي والغطاء القانوني لـ20 ألف مقاتل يعمل تحت إمرتهم في “أئمة البقيع“.


حيث عرض عليهم المالكي، أن يربطهم بالحرس الثوري الإيراني، وذلك في محاولة لتوفير لهم الدعم من إيران التي تدعم جماعات مسلحة أخر، مثل كتائب سيد الشهداء وكتائب حزب العراقي، وعصائب أهل الحق- الجناح المسلح لكتلة صادقون النيابية بقيادة قيس الخزعلي، ومنظمة بدر- الجناح المسلح لكتلة بدر النيابية بقيادة هادي العامري، على حد قوله.


التسريب الذي تخلله تجاوزات وإساءات كبيرة من قبل المالكي تجاه زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، والمرجعيات التي تصمت عندما يحاول فعله الصدر بابتلاع الحكومة العراقية ومن ثم تسليمها إلى السنة والكرد، ضمن مشروع إسرائيلي-بريطاني، وبمحاولة لإبادة شيعة العراق، وفقا للمالكي، قد كشف حجم الفساد داخل “الحشد الشعبي“.


حيث قال المالكي إن “منظمة بدر تستلم رواتب لمقاتلين فضائيين يبلغ عددهم 40 ألف مقاتل وهم ليس لديهم شيء على الأرض، إضافة إلى ما يتقاضه الصدر من مرتبات عبر الحشد الشعبي لـ 12 ألف مقاتل فضائي في حين أنه لا يملك سوى ألفين مقاتل في سامراء“، ضمن مناطق انتشار قواته التي تسمى بسرايا السلام المنضوية جزءا منها تحت هيئة الحشد الشعبي.


كما وجه المالكي في كثير من الأحيان خلال حديثه للحاضرين، الاتهامات إلى قادة الحشد الشعبي، الذي وصفهم بالمتخاذلين والباحثين عن المال والسلطة مقابل عمالتهم لرئيس البرلمان ورئيس حزب “تقدم الوطني” السني، مدعيا أن، الحلبوسي قام بإغراء عدد كبير من قاد الحشد وشرائهم فضلا عن بعض المراجع الدينية.

اقرأ/ي أيضا: نوري المالكي في تسجيل صوتي.. “الحشد الشعبي أمة الجبناء”


استمرار المالكي بالاتهامات والإساءات


المالكي استمر خلال الحوار الذي كان يظهر فيه منزعجا عند مقاطعته من قبل أحد الحاضرين الذين حاول إيصال رسائل من قبل مرجع ديني اسمه “الميرزا“، والذي لم يتسنى التعرف عليه، بأنه ينصحهم في العمل مع المالكي وهو من سيوفر له الغطاء والمباركة الدينة، في حين انشغل المالكي في الحديث عن مخططات الصدر الذي وصفه باللهجة العامة بالـ “الأرعن“، المدعومة من قبل البريطانيين.


كما أنهال المالكي، على أطراف العملية السياسية من الحلبوسي وزعيم تحالف “السيادة” السني، خميس الخنجر، وزعيم الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، مسعود بارزاني، بالإساءة والاتهامات بأنهم يحاولن اختراق الصف الشيعي من خلال مقتدى الصدر، وهذا ما لا يمكن أن يحدث حتى لو كلف ذلك الاقتتال مع الصدر “الصهيوني“، على حد تعبيره.


المالكي اتهم أيضا، حزب “تقدم“، الذي يرأسه الحلبوسي، بأنه حزب بعثي سابق تم تشكيله من قبل أحد الشخصيات التي لم يذكر اسمها، وبعد وفاته استلمه الحلبوسي، وبدأ بتنفيذ أجنداته، فضلا عن اتهام بارزاني باحتضان السنة الكرد والعرب، لاستهداف الشيعة.


بالمقابل، تحدث أحد الحاضرين والذي عرف نفسه بـ سعد طعيس، وهو من عائلة مضحية بـ 22 شهيد من محافظة ديالى، بأنه قوته “أئمة البقيع“، التي تنتشر في مناطق جرف الصخر غرب شمال بغداد، إضافة إلى حزام بغداد، كما يتركزون في محور ديالى والتي تضم 20 ألف مقاتل موال، بينهم 3000 مقاتل مسلح في ديالى، بأنهم لا يحتاجون سوى الدعم القانوني لتشكيل أكبر قوة مسلحة.


وأضاف قائلا: “في محور ديالى الوضع مسيطر عليه بنسبة 80 بالمئة، وأنه لا أحد يستطيع التعرض لنفوذهم، حتى مرة كانت قوة من أمن الحشد وبتحريك من هادي العامري، قد حاولوا اعتقاله، لأنه ينتحل اسم الحشد الشعبي، لكنه اشتبك معهم بمواجهة مسلحة وبأسلحة ثقيلة، بالتالي هم لا يحتاجون سوى للغطاء القانوني، خصوصا وأنهم يملكون عشرات المباركات الدينية، لتشكيل قوتهم“، مؤكدا للمالكي أنه “في حال تم ذلك يمكن القيام بانقلاب أو حتى سحب البساط من تحت الحشد، وأنهم قادرين على اسقاط 10 محافظات”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. الصدر “لا يقيم وزنا” لتسجيلات المالكي الصوتية

تأكيدات تقنية حول تسريبات المالكي


جدير بالذكر، أن فريق فني عراقي، كان قد أكد يوم الخميس الماضي، صحة التسجيلات المنسوبة الى المالكي، وأنها ليست مفبركة، وقال فريق التقنية من أجل السلام، وهو فريق عراقي غير مرتبط بجهة سياسية، إنه “عملنا ومنذ اللحظات الأولى من قيام المدون علي فاضل بنشر أول مقطع صوتي بتاريخ 13 يوليو/تموز الجاري، الذي ادعى أنه جزء من تسجيل مسرب للمالكي، على التحقق من ذلك، ومع نشره لتسجيلات أخرى بعد ذلك، استمرينا في العمل على تدوين الملاحظات حول تلك التسجيلات لمعرفة حقيقتها“.


وأكد “على الرغم من النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات، وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول المقطع الصوتي تثبت عكس ذلك“.


وبين أن “التسجيلات المتداولة لم يتم فبركتها عن طريق دمج مقاطع صوتية مختلفة للمالكي لإظهارها بهذا الشكل، وأنه وفي جميع التسجيلات المتداولة كان الانتقال بين الجُمل متناسقاً جداً وطبيعياً، ولم يلاحظ وجود انتقالات مختلفة وغير متناسقة أو وجود قطع كدلالة على دمج مقاطع صوتية مختلفة“.


وأضاف أن “نبرة الصوت الذي تم الادعاء أنه حديث المالكي كانت بطبقة واحدة مرفقة بصدى خالية من أي اختلاف ودون أي تشويش، كما أن هناك تشابها كبيرا في لفظ مفردات تم ذكرها في التسجيلات المتداولة وفي اللقاءات مع المالكي، ولا سيما كلمات (السُنة، مقتدى الصدر، الشيعة، التشيُع)، وغيرها“.


وكان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، قد طلب أخيرا من المالكي تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، كما دعا عشيرته والقوى المتحالفة معه إلى التبرؤ من حديثه من أجل ما وصفه بـ“إطفاء الفتنة“، مضيفا أنه يجب أيضا استنكار “تحريضه على الفتنة والاقتتال الشيعي-الشيعي“.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. المالكي يهاجم الصدر في تسريب صوتي ويتبرأ منه!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.