في معلومات حصرية تدل على قرب اندلاع توترات جديدة داخل أروقة الحكومة الإيرانية الحالية والمنطقة بشكل عام، وصلت معلومات لـ”الحل نت” حول وجود صراع داخل النظام الإيراني، برز من خلال ظهور تيارين أحدهما يرفض التقارب السعودي الإيراني ولا يرغب أن يكون هناك هدوء بالمنطقة، ويسعى إلى خلق مسارات جديدة للنظام الإيراني ودعم وكلائه.

أما التيار الآخر الذي يتبنى رؤية جديدة بضرورة السير بهذا الاتفاق، وتعديل التوجهات القديمة التي ساقتها المؤسسة العسكرية الإيرانية المتحكمة بالنظام ، إلا أن هذا التيار رغم وجود فإن نسبة المثيرين للشغب فيه ليست كبيرة داخل أروقة القرار الإيراني.

المثير للاستغراب هو وجود دور عماني في عملية نقل الأسلحة الإيرانية التي شهدت كثافة خلال الأسابيع الماضية منطلقة من موانئ إيران الغربية تجاه ولاية شناص على الساحل العُماني، لتبرز عدة تساؤلات حول مصلحة عُمان من لعب هذا الدور والاستمرار بدعم “الحوثيين” المتمردين على الشرعية الدولية بالأسلحة، وهنا لن تجيب عن هذه التساؤلات سوى السلطنة وحدها.

فالدور العُماني الذي لا تفسير له، ترافق مع عودة أكبر شخصيات “الحرس الثوري” الإيراني والمسؤول عن ملف السياسيات اليمنية، عبد الرضا شهلائي، الذي ادعت إيران وفاته سابقا، فيما كشفت معلومات “الحل نت” أنه على قيد الحياة، ويشرف على توريد الأسلحة للجماعة اليمنية بوتيرة متزايدة، بالتنسيق مع القيادي في “الحرس الثوري”، حسن معاذي، المعروف محليا باسم محسن عزيزي، والذي يشرف على وصول الأسلحة الإيرانية المهربة إلى اليمن والتي ستعمل على اندلاع صراع جديد في المنطقة الخليجية التي من ضمن جغرافيتها سلطنة عُمان.

اختراق جديد؟

التقارب السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين اعتبره البعض اختراقا دبلوماسيا بعد سنوات من العداء المتبادل والهجمات المشبوهة والتجسس بين البلدين، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تتحرك فيها السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ أن أقامتا العلاقات لأول مرة في عام 1929. واستعادتا العلاقات الدبلوماسية في عام 1946، بعد انقطاع في عام 1944، وفي عام 1991، بعد انقطاع في عام 1987. 

إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وإعادة فتح السفارتين المغلقتين منذ 2016 - إنترنت
إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وإعادة فتح السفارتين المغلقتين منذ 2016 – إنترنت

رغم أن أولى الآمال التي بُنيت على الاتفاق كانت تتمثل بخفض التصعيد في مناطق مثل اليمن، حيث تخوض السعودية حربا ضد المتمردين “الحوثيين” المدعومين من إيران منذ عام 2015، إلا أن تسريبات حصرية حصل عليها “الحل نت” من داخل أروقة الحكومة الإيرانية، تكشف تطورا خطيرا يتعلق باستمرار التسليح الإيراني لجماعة “الحوثي”.

ما يثير القلق أكثر هو أن هذه العملية تجري تحت رقابة سلطات دولة عربية كانت طرفا أساسيا في جميع الاتفاقيات والمحادثات التي حصلت مع الطرف السعودي و”الحوثيين” وأيضا الإيرانيين، والتي تبدو وكأنها لا تزال مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجماعة “الحوثية” في اليمن، فضلا عن أن هذا الإطار يدعمه تيار داخل الحكومة الإيرانية ويصرّ على خرق الاتفاق مع الرياض.

هذه التسريبات تكشف عن تطور خطير يهدد استقرار المنطقة، ويفتح الباب أمام تصعيد أكبر في النزاع اليمني المستمر، ما يطرح تساؤلات حول تبعات استمرار التسليح الإيراني لـ”الحوثيين” على المنطقة، وهل تشكل الجبهة العربية – الإيرانية خطوة نحو انهيار الاتفاق مع السعودية، وكيف ستكون تبعات هذا التسليح على صراعات محتملة وعدم استقرار المنطقة، وما إذا كان هذا التطور سيشعل الصراع بين جبهتي الحكومة في إيران.

تزويد بطائرات مسيّرة وصواريخ كروز

تسريبات حصرية وصلت لـ”الحل نت” من مصدر في الحكومة الإيرانية الحالية، كشفت عن عملية خطيرة عبر سلسلة من الإجراءات تبدأ من الأراضي الإيرانية وتنتهي بالمناطق التي تسيطر عليها جماعة “الحوثي”، يقوم بها “الحرس الثوري” الإيراني، المصنف على أنه جماعة إرهابية وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات.

الأسلحة التي وصلت إلى جماعة "الحوثي" من "الحرس الثوري" الإيراني - "الحل نت"
الأسلحة التي وصلت إلى جماعة “الحوثي” من “الحرس الثوري” الإيراني – “الحل نت”

رغم هدوء الجبهات نتيجة الاتفاق السعودي الإيراني الذي أُعلن عنه برعاية صينية في 10 آذار/مارس الفائت، إلا أنه لم يحد من تدفق الأسلحة إلى “الحوثيين”، التي تصلها من أطراف خارجية، ما حوّل اليمن إلى سوق سوداء للأسلحة المهربة، ويفضح نيّات الجماعة المدعومة من إيران.

بحسب ما حصل عليه “الحل نت”، فإنه يتم إرسال أسلحة متطورة لـ “الحوثيين” في اليمن عن طريق شبكة معقدة من الأشخاص. وتشمل هذه الأسلحة طائرات بدون طيار وصواريخ كروز، وتتم عملية النقل عبر قوارب تنطلق من الموانئ الإيرانية ثم تتوجه إلى مناطق “الحوثيين” في اليمن.

هذه الوقائع المثيرة للقلق تكشف عن استمرار تورط النظام الإيراني في تسليح ودعم “الحوثيين”، مما يؤدي إلى زيادة توتر الصراع في المنطقة وتعقيد الأوضاع الإنسانية في اليمن، إذ إن توريد الأسلحة المتطورة مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ الكروز يعزز قدرات “الحوثيين” العسكرية ويهدد أمن المنطقة بأكملها.

قبل توقيع الاتفاق الإيراني السعودي بأيام، أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، أن اعتراض البحرية الفرنسية سفينة إيرانية محملة بالأسلحة والذخيرة كانت في طريقها لجماعة “الحوثي”، يشير إلى تصعيد إيران لعمليات تهريب الأسلحة منذ انهيار الهدنة الأممية.

الإرياني أوضح أن هذا التصعيد يعكس الدور الرئيسي الذي يلعبه النظام الإيراني في تقويض جهود التهدئة التي يبذلها المجتمع الدولي، ووقوفها حجر عثرة أمام إنهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن.

ليس ذلك فحسب، بل بعد توقيع الاتفاق بين طهران والرياض، صرحت القيادة المركزية الأميركية، عن اعتراضها 4 عمليات تهريب أسلحة لـ”الحوثيين” خلال شهرين، وكشفت عن قيام قوات الأمن اليمنية بضبط 100 محرك للطائرات المسيّرة كانت متجهة للميليشيات، كما احتجزت سفينة حربية فرنسية زورقا محملا بأسلحة وذخائر مهربة لـ”الحوثيين” شملت 3000 بندقية و500 ألف طلقة و20 صاروخا مضادا للدبابات.

جماعة “الحوثي” منذ انقلابها على الحكومة الشرعية تعتمد على شبكة تهريب معقدة لإدخال السلاح إلى مناطقها، معتمدة بشكل كبير على تهريب الأسلحة عن طريق البحر، من خلال الخط الساحلي الطويل الممتد من المهرة حتى باب المندب، وتستغل الجماعة كل تهدئة في جلب أكبر قدر من السلاح الخفيف والثقيل من صواريخ، ومواد شديدة الانفجار، وحتى الطيران المسيّر.

دور عُماني في تهريب الأسلحة

من المثير للدهشة وبحسب المعلومات التي حصل عليها “الحل نت” من مصدر في الحكومة الإيرانية، أن هذه العملية تتم تحت رقابة السلطات العُمانية، التي تظهر بوضوح العلاقة الوثيقة بينها وبين الجماعة “الحوثية” في اليمن، إذ إن هناك شخصا مسؤولا عن متابعة الشؤون السياسية في اليمن ضمن السلطات الإيرانية، يتولى الإشراف على عمليات تهريب الأسلحة المثيرة للجدل.

خريطة تظهر مسار تهريب الأسلحة من الموانئ الإيرانية نحو ولاية شناص العُمانية - "الحل نت"
خريطة تظهر مسار تهريب الأسلحة من الموانئ الإيرانية نحو ولاية شناص العُمانية – “الحل نت”

طبقا لما حصل عليه “الحل نت”، فإن مسار ضخ الإمدادات العسكرية إلى “الحوثيين” ينطلق من مينائي جاسك وبندر عباس جنوب غربي إيران، ثم تنطلق القوارب باتجاه ولاية شناص الواقعة على السواحل العُمانية، وذلك تحت رقابة وتسهيلات من سلطات البلد الخليجي.

رغم أن السلطنة الخليجية تصرّح بأن سياستها في اليمن تقوم على استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى نشر الدبلوماسية لحل النزاعات، إلا أن التسريبات من داخل الحكومة الإيرانية تشير إلى عكس ذلك، وتدلل على انخراط عُماني مع إيران في دعم جماعة “الحوثي”.

خلال الأزمة اليمينة تمحور دور عُمان من خلال ثلاثة أشكال، المرحلة الأولى اختارت فيها عٌمان تقديم اتفاق سلام مرتقب بدلا من المشاركة في الصراع عسكريا، وكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي رفضت المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

أما المرحلة الثانية، اختارت فيها عُمان قيادة جهود وساطة سرية بهدوء بين أطراف النزاع،فيما كانت المرحلة الثالثة والحالية، اختارت فيها عُمان استضافة محادثات مباشرة بين جماعة “الحوثي” والسعودية، منذ انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2022 دون تمديد.

خريطة تظهر مسار تهريب الأسلحة من ولاية شناص العُمانية نحو مناطق سيطرة "الحوثي" في اليمن - "الحل نت"
خريطة تظهر مسار تهريب الأسلحة من ولاية شناص العُمانية نحو مناطق سيطرة “الحوثي” في اليمن – “الحل نت”

إلا أن مسار عُمان غير المعلن والذي يساند فيه تعزيز وصول الأسلحة المتطورة من “الحرس الثوري الإيراني” إلى جماعة “الحوثي”، يفسره الغزل المتبادل بين الطرفين، حيث وصف “الحوثيون” دور السلطنة في تحقيق السلام اليمني بـ “مهم وإيجابي”، وتبادل الزيارات بين الوفود العُمانية وجماعة “الحوثي” على مدى السنوات السابقة.

وأيضا التعقيد الذي افتعلته جماعة “الحوثي” في بداية حزيران/يونيو الجاري بشكل غير مفهوم، وعقّدت سير المفاوضات بملف المرتبات محاولة عرقلة إحراز اتفاق شامل مع الحكومة الشرعية التي تدعمها الرياض، حيث وضعت تعقيدات جديدة بشأن الاتفاق على آلية تسليم رواتب الموظفين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، واشترطت صرف المرتبات لكل عناصرها بحسب كشوفات هذا العام.

عودة رأس حربة “الثوري” الإيراني من الموت

التسريبات التي حصل عليها “الحل نت”، تشير إلى أن الشخص الذي يشرف على هذه العملية المثيرة للجدل هو اللواء في “الحرس الثوري” الإيراني عبد الرضا شهلائي، والذي يُعد المسؤول عن متابعة ملف السياسيات اليمنية ضمن السلطات الإيرانية. 

اللواء في "الحرس الثوري" الإيراني عبد الرضا شهلائي، مسؤول متابعة ملف السياسيات اليمنية - "الحل نت"
اللواء في “الحرس الثوري” الإيراني عبد الرضا شهلائي، مسؤول متابعة ملف السياسيات اليمنية – “الحل نت”

طبقا لما نقله مصدر “الحل نت” في الحكومة الإيرانية، فإن ذلك ينفي الإعلانات والتقارير التي تفيد بمقتله في غارة أميركية في اليمن، أوائل العام الحالي، وتثبت أنه لا يزال نشطا ومشاركا في هذه الأعمال غير القانونية.

أيضا ووفقا للمعلومات الواردة من الحكومة الإيرانية، يتعاون شهلائي في هذه العملية مع القيادي في “الحرس الثوري”، حسن معاذي، المعروف محليا باسم محسن عزيزي، والذي يشغل منصب مسؤول عمليات تهريب الأسلحة من إيران إلى عُمان ثم المناطق التي تسيطر عليها جماعة “الحوثي”. ويبدو أن هذه الشخصيات تعمل سويا على تنفيذ هذه العملية المعقدة، التي تشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار في المنطقة.

القيادي في "الحرس الثوري"، حسن معاذي، المعروف محليا باسم محسن عزيز، والذي يشغل منصب مسؤول عمليات تهريب الأسلحة - "الحل نت"
القيادي في “الحرس الثوري”، حسن معاذي، المعروف محليا باسم محسن عزيزي، والذي يشغل منصب مسؤول عمليات تهريب الأسلحة – “الحل نت”

وسائل الإعلام الإيرانية، كانت قد أشاعت أن اللواء شهلائي قُتل بغارة أميركية مع اثنين من مرافقيه، مؤكدة صدور تعليمات إيرانية بالتكتم على الخبر، لأن إيران لا تُريد الاعتراف بوجوده في مهمة عسكرية مع المتمردين “الحوثيين” في اليمن، ولا تريد أن تكون مضطرة للرد على اغتياله.

الجدير ذكره، أن مصادر في واشنطن كانت قد كشفت أن إيران أنفقت جزءا كبيرا من مبلغ 1.7 مليار دولار حتى عام 2018، على الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، وعلى رأسها جماعة “الحوثي” في اليمن.

انقسام داخل طهران

في إطار الحكومة الإيرانية، وبحسب المعلومات التي حصل عليها “الحل نت” بشكل حصري، يوجد حاليا توجهان متضاربان داخل الحكومة الإيرانية، الأول يتمثل في “الحرس الثوري” الإيراني، الذي يُعتبر القوة الأقوى والأكثر تشددا ويعارض بشكل قوي الاتفاق الإيراني السعودي، ويرفض الالتزام به، مع تركيزه على تعزيز نفوذ إيران في المنطقة ودعم الجماعات المتطرفة.

وجود صراع داخل النظام الإيراني - "الحل نت"
وجود صراع داخل النظام الإيراني – “الحل نت”

بينما الثاني ينتمي للجناح الحكومي الحالي ويمثّله أعضاء من الحكومة الحالية، ويدعم الالتزام بالاتفاق مع السعودية، وهؤلاء يرون في التوصل إلى اتفاق مع السعودية فرصة لتخفيف التوترات الإقليمية وتحقيق استقرار المنطقة. كما يعتبرون التفاوض والحوار مع الدول المجاورة ضروريا لتحقيق السلام والتعاون الإقليمي.

هذا الانقسام داخل الحكومة الإيرانية بحسب المصدر، يعكس التوترات الداخلية والمصيرية التي تواجه إيران بشأن سياستها الخارجية، كما أنه يبرز التحديات الداخلية التي يواجهها النظام الإيراني في اتخاذ قراراته وتنفيذها، ويعكس أيضا التنافرات الأيديولوجية والمصالح المتناقضة داخل النظام.

انخراط إيران في حرب غير نظامية

منذ عام 2016 على الأقل، تنخرط إيران بشكل متزايد في الحروب غير النظامية عبر وكلائها بالمنطقة، في محاولة منها لتوسيع رقعة نفوذها مع ارتدائها قناع براءة مخادع، حيث ذكر “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، أن “الحوثيين” المدعومين من إيران تلقوا أسلحة وتكنولوجيا وتدريبات ومساعدات أخرى من “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” اللبناني.

قيمة الدعم الإيراني المقدم لجماعة "الحوثي" حتى عام 2018 - "الحل نت"
قيمة الدعم الإيراني المقدم لجماعة “الحوثي” حتى عام 2018 – “الحل نت”

وحتى مع الاتفاق السعودي – الإيراني استمر هذا الدعم بحسب المعلومات التي حصل عليها “الحل نت” رغم اشتراط السعودية إيقافه، ويرجع ذلك بحسب الصحفي اليمني، محمد الدميني، إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من خصوم إيران بما في ذلك السعودية، يتمتعون بأفضلية كبيرة عندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية التقليدية، لذلك ظهر تيار مخالف للاتفاق داخل طهران.

استمرار التسليح الإيراني لـ”الحوثيين” بحسب حديث الدميني، لـ”الحل نت”، يحمل تبعات خطيرة على المنطقة. فإرسال الأسلحة مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ الكروز يعزز قدرة “الحوثيين” على شنّ هجمات مستمرة على السعودية ودول المنطقة، وهذا يعني زيادة التوتر وتصعيد الصراع في اليمن وتأثيره على استقرار المنطقة بشكل عام.

أيضا برأي الدميني، فإن تشكل الجبهة العُمانية الإيرانية، يعد خطوة نحو انهيار الاتفاق مع السعودية. وإذا استمرت عُمان في تسهيل عمليات تهريب الأسلحة لـ”الحوثيين”، فسيزيد ذلك من عدم الثقة بين الرياض وطهران ويعرقل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي في اليمن، وقد يؤدي ذلك إلى تصاعد التوترات بين الدولتين وتفاقم الصراع الإقليمي.

تبعات هذا التسليح قد تكون كارثية باعتقاد الصحفي اليمني، خصوصا على صراعات محتملة وعدم استقرار المنطقة. ويمكن أن يؤدي زيادة تمويل وتسليح “الحوثيين” إلى تصعيد الصراع وتأجيج النزاعات المحلية والإقليمية. وقد تستغل الأطراف الأخرى في المنطقة هذا الوضع لزعزعة الاستقرار في اليمن ودول المنطقة، وبالتالي يتأثر أمن واستقرار الخليج العربي بشكل كبير.

فضلا عن ذلك، يرى الدميني أن الصراع بين الجبهتين المنقسمتين داخل الحكومة في إيران نتيجة هذا التطور، مع تواجد تيارين متضاربين داخل الحكومة الإيرانية بشأن الاتفاق مع السعودية، يمكن أن يصعّد الصراع السياسي داخل النظام الإيراني، وهذا الصراع قد يؤثر على صنع القرار الخارجي لإيران ويؤدي إلى عرقلة الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاقات مع الدول الأخرى وزيادة التوترات في المنطقة.

هذه التسريبات التي حصل عليها “الحل نت” تعد تحذيرا جدّيا للمجتمع الدولي، حيث يجب أن يتخذ إجراءات فورية وفعالة لمواجهة هذا السلوك العدواني والتدخل الإيراني في شؤون اليمن، فضلا عن التسهيلات السرية التي تقوم بها السلطات العُمانية، ويجب على الدول الراعية والمؤثرة أن تتحمل مسؤولياتها وتعمل على تقديم الدعم اللازم لليمن.

هذه المعلومات تفسر أسباب تلويح ميليشيا “الحوثي” مجددا في بداية حزيران/يونيو الجاري، بقصف موانئ السعودية كردّ على تجاهل الرياض اشتراطاتها المتعلقة بمسار السلام، حيث زعم القيادي في الميليشيا، جلال الرويشان، أن جماعته لديها القدرة على التحكم عسكريا بالموانئ السعودية وتدفق رؤوس الأموال إليها.

في السنوات القليلة الماضية، شهدت المنطقة العديد من الهجمات، لا سيما على السفن السعودية والإماراتية والبنية التحتية للطاقة، والتي ألقت الرياض وواشنطن باللوم فيها على طهران فيما ترفض الأخيرة الاتهامات، ومع تجديد جماعة “الحوثي” بتهديد مصالح السعودية، ستظل الرياض وطهران خصمين لهما رؤى متنافسة للمنطقة، رغم الاتفاق الذي تستعرض فيه الصين عضلاتها.

في حين قد يُنظر إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية على أنها خطوة مهمة نحو حل الصراع اليمني، فمن الضروري الاعتراف بأن الدوافع الأساسية للتنافس بين المملكة السعودية وإيران لا تزال دون تغيير إلى حد كبير. ولا تزال النزاعات حول المعارك بالوكالة في الدول المجاورة، والمناورات من أجل الترتيبات الأمنية الإقليمية، والمخاوف المحيطة ببرنامج إيران النووي تغذي هذا الخلاف القديم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة